حبيبةُ الحبيب
حبيبةُ الحبيب
لقد كان أوضح ما كان في سيرتها الطاهرة (رضي الله عنها) حُب رسول الله (صلى الله عليه وسلم) لها، حُبًّا لا يخفى ولا يُستتر، حتى إنه حينما سُئل عن أحبِّ الناس إليه قال في غير تفكِير: عائشة، ثم نسب ما بعدها إليها فقال: أبوها، ثم أتى بقيَّة الناس بعده، وبعد ما يتصل بها.
وكان صحابة رسول الله (صلى الله عليهِ وسلَّم) احتفاءً بهذا الحب، وتوقيرًا له يبعثون بالهدايا إلى رسول الله (صلى الله عليه وسلَّم) اختيارًا منهم في يومها (رضي الله عنها)، ولمَّا راجعته زوجاته طلبًا منه أن ينالهنَّ البركة مثلها أعرض ولم يقبل الحديث في أمرٍ يكون في شأنه أذًى لها، وقد كانت (رضي الله عنها) بوابة لإرضاء النبي (صلى الله عليه وسلَّم) فآثرت أم المؤمنين سودة أن تُعطي يومها لأم المؤمنين عائشة على أن يُفارقها رسول الله (صلى الله عليه وسلَّم)، أمَّا في الوحي فقد كان لها مكانٌ عظيمُ الشأنِ، مُباركُ الأثر، فلم ينزِل على الرسول (صلى الله عليه وسلَّم) وحيًا في لحافِ امرأةٍ غيرها، وقد كان لهذا الاختصاص أثر في نفس النبي (صلى الله عليه وسلَّم)، فازداد لها حُبًّا وإقبالًا؛ فالصفاءُ لأهلِ الاصطفاء، ونزل فيها وحيٌ خاص في حادثة الإفك يُبرئها، ويُثبتُ طُهرها، ويُسكت عنها الألسنة (رضي الله عنها)، وما كانت حتى تظن (رضي الله عنها) أن يُبرِّئها الله في وحي، وإنما كانت تتطلَّع إلى رؤيا يُريها الله (عز وجل) للرسول (صلى الله عليه وسلَّم) في منامهِ بتبرئتها، وقد تزوَّجها رسول الله (صلى الله عليه وسلَّم) بوحي
وقد نزل الوحيُ على رسول الله (صلى الله عليه وسلَّم) حين حبسَ جيش المسلمين بحثًا عن قلادتها في إحدى الغزوات، ولم يكونوا على وضوءٍ أو معهم ماء للوضوء، فنزل الجوازُ بالتيمُّم، وخفِّف بهذا الأمر عن المسلمين الكثير، فزادَ هذا على بركتها بركات (رضي الله عنها)، وآنستهُ (رضي الله عنها)، وملأته بأوديةٍ من الطُمأنينة، والدلال، وكانت على أجمل وأبهى ما يكون من زوجةٍ مع زوجها، وأجمل وأبهى ما يكون من أنثى مُسلمة، طائعة، مُحبَّة، نشأت في طاعة، وماتت عليها.
الفكرة من كتاب الصدِّيقتان: مُدارسات في تجلِّيات الاصطفاء للصدِّيقتين فاطمة وعائشة (رضي الله عنهما)
لقد منَّ الله على العالمين بالدين الحنيف، الذي عرَّج بالعباد من غياهِب وظُلمات الأرض، إلى رحابة ونور السماء، ومن دنس الشرك إلى طُهر الإيمان، وإن البيت النبوي مثال كامِلٌ أخَّاذ لِأثر الإيمان العميق في نفوس أهلِه، وكيف تشكَّلت شخوصهم في رحاب الطُّهر، وسويَّة الأنفس، وجمال إيمانها، وقد سطع نجمانِ في سماء بيت النبوَّة، كانتا تجسيدًا لِصدقِ المحبَّة، وصِدق الإيمان، وصِدق الاتِّباع، حتى أنَّهما لشدة صدقيهما استحقَّتا أن تُلقَّبا بالصدِّيقتين، وهذا الكِتاب إنما هو عرضٌ للجماليَّات، واستقراءٌ في أسابِ النوالِ، والرِّفعة، والشرف.
مؤلف كتاب الصدِّيقتان: مُدارسات في تجلِّيات الاصطفاء للصدِّيقتين فاطمة وعائشة (رضي الله عنهما)
وجدان العلي: سيد بن علي عبد المعين، مصري، وُلِد في الحادي عشر من يونيو لعام 1979م، حصل على ليسانس اللغة العربية كُلية الآداب، جامعة القاهرة، شاعرٌ، وأديبٌ، ومُحقِّق في التراث الإسلامي، وعمل بمجال الدعوة، وامتدَّ نسبه إلى علَّامة اللغة العربية محمود محمَّد شاكر المُلقَّب بأبي فهر، والذي تأثَّر به ولازمه أكثر من خمس سنوات، له من المؤلَّفات “صادق بكَّة”، و”ظِلُّ النديم“، وزخرت الشبكة العنكبوتيَّة بالعديد من مقالاته المتنوِّعة.