بيتٌ فريد
بيتٌ فريد
إن الصدِّيقة المُباركة أم المؤمنين عائشة (رضي الله عنها)، ابنة الصدِّيق المُبارك أبي بكر (رضي الله عنهما) حسَنِ الصُّحبة، والإيمان، أوَّل ما فتحت عينيها الطِّيبتين على بيتِ أهلٍ مسلمين، لم يلوِّثهم شركٌ أو نفاق، بيتٌ عامِر بالنور، والسعي الخالِص لله ورسوله (صلى الله عليه وسلَّم)، وقد كان هذا البيت مقصدًا لرسول الله (صلى الله عليه وسلم) في الزيارة، والمُجالسة، فنالهم على أثره من النورِ ما نالهم، وصاحِب هذا البيت هو أبو بكرٍ الصدِّيق (رضي الله عنه) صاحِبُ رسولِ الله (صلى الله عليه وسلَّم)، ورفيقُ الليالي الحالِكات، والأيَّام الثقال، صادِقُ الكَلمة، ومُصدِّق الكلمة، حتى إنه (رضي الله عنه) في أصعب ما قد يُبتلى بِه رجلٌ في ابنته حين خاض النَّاس في السيدة الطاهرة المُطهَّرة الشريفة (رضي الله عنها) لم يستطِع أن يقول شيئًا لم يقُله رسول الله (صلى الله عليه وسلَّم) وقال مقولته: “ألا عذرتني، أي سماء تُظلُّني، وأي أرضٍ تُقلُّني إذا قُلتُ ما لا أعلم”، لقد فُطرَت نفسهُ (رضي الله عنه) على الحُبِّ لله ورسولِه، حتى في البيعة كان الناس يبسطون أيديهم، وكان أبو بكرٍ يبسُط قلبه، وقد اختار (رضي الله عنه) صحبة رسول الله (صلى الله عليه وسلَّم) وهو يعلم أنَّ هذهِ الصُّحبة سيرٌ على الشوك، وانكفاءٌ على السيف، وروحٌ خالصة في سبيل الله (عز وجل)، وكانت تلمس مِنه عائشة (رضي الله عنها) كلَّ هذهِ الحكمة، وهذا الحب الذي ورثته منه، يقفون عند أحكامِ الله وقضائه، لا يُراجعون فيها ولو بكَلِمة، أمَّا في وفاة النبي (صلى الله عليه وسلم) -وهو يحملِ في قلبه من الحُبِّ له ما يحمِل- زانهُ إيمانه، ورضاه بقضاء الله، وصدقُ محبَّته، ووفاؤه، فلم يزِد عن تلاوة الآية الكريمة ﴿وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ ٱلرُّسُلُ ۚ أَفَإِيْن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ ٱنقَلَبْتُمْ عَلَىٰٓ أَعْقَٰبِكُمْ ۚ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىٰ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ ٱللَّهَ شَيْـًٔا ۗ وَسَيَجْزِى ٱللَّهُ ٱلشَّٰكِرِينَ﴾ في ثباتٍ لم يكُن لأحد!
الفكرة من كتاب الصدِّيقتان: مُدارسات في تجلِّيات الاصطفاء للصدِّيقتين فاطمة وعائشة (رضي الله عنهما)
لقد منَّ الله على العالمين بالدين الحنيف، الذي عرَّج بالعباد من غياهِب وظُلمات الأرض، إلى رحابة ونور السماء، ومن دنس الشرك إلى طُهر الإيمان، وإن البيت النبوي مثال كامِلٌ أخَّاذ لِأثر الإيمان العميق في نفوس أهلِه، وكيف تشكَّلت شخوصهم في رحاب الطُّهر، وسويَّة الأنفس، وجمال إيمانها، وقد سطع نجمانِ في سماء بيت النبوَّة، كانتا تجسيدًا لِصدقِ المحبَّة، وصِدق الإيمان، وصِدق الاتِّباع، حتى أنَّهما لشدة صدقيهما استحقَّتا أن تُلقَّبا بالصدِّيقتين، وهذا الكِتاب إنما هو عرضٌ للجماليَّات، واستقراءٌ في أسابِ النوالِ، والرِّفعة، والشرف.
مؤلف كتاب الصدِّيقتان: مُدارسات في تجلِّيات الاصطفاء للصدِّيقتين فاطمة وعائشة (رضي الله عنهما)
وجدان العلي: سيد بن علي عبد المعين، مصري، وُلِد في الحادي عشر من يونيو لعام 1979م، حصل على ليسانس اللغة العربية كُلية الآداب، جامعة القاهرة، شاعرٌ، وأديبٌ، ومُحقِّق في التراث الإسلامي، وعمل بمجال الدعوة، وامتدَّ نسبه إلى علَّامة اللغة العربية محمود محمَّد شاكر المُلقَّب بأبي فهر، والذي تأثَّر به ولازمه أكثر من خمس سنوات، له من المؤلَّفات “صادق بكَّة”، و”ظِلُّ النديم“، وزخرت الشبكة العنكبوتيَّة بالعديد من مقالاته المتنوِّعة.