الأسرة
في هذا الكون الفسيح ينقسم البشر إلى جماعات، وكل مجموعة أفراد مجتمعين نُسميهم بالمجتمع، فالمجتمع عبارة عن أسر مكونة من أفراد بينهم صلة، فتكون الأسرة مكوَّنة بدايةً من رجل وامرأة يتزوجان ثم يُنجبان أطفالًا، وقد اهتم علماء الاجتماع بالأسرة وتكوينها، حتى نشأ على أثرها علم النفس التربوي، لأنها أقدم مؤسسة اجتماعية بشرية للتربية في التاريخ، فمنذ بداية الخلق، خلَق الله سيدنا آدم وزوَّجه السيدة حواء ثم نزلا إلى الأرض وأنجبا، وكانت هذه أول أسرة في المجتمع البشري.
فالأسرة هي أول لبنة في بناء الحضارات الإنسانية، كما أنها علاقة فريدة من نوعها في المجتمع الإنساني، ولا يستغني عنها الجنس البشري كي يستمر وجوده، كما أن الأسرة تمثِّل دائمًا بالنسبة للفرد الملجأ والحب والاحتواء الأول والمدرسة الأولى لتربيته وتقويمه، لذا فهي حجر الأساس في تربية الأطفال، فيتعلم منها الطفل اللغة والحب والقيم، ويكتسب من والديه الخبرات والأثر النفسي والعادات والسلوكيات، فالأسرة وظيفتها تمحورت قديمًا على جميع التعاليم الدينية والدنيوية، كما تربِّيه من الناحية الصحية والجسدية، وتوفِّر له الطعام والمبيت والملبس، وتعلِّمه مهنته المستقبلية، وغالبًا ما تكون مهنة الأب، وكانت الفتيات تتعلَّم أمور البيت.
أما حديثًا فتزعزعت هذه الأدوار واقتصرت كثيرًا عن ذي قبل، ما أدَّى إلى أنها لم تعُد السكن والمأوى لأبنائها، كما انتشرت بعض الأفكار الغربية التي أعطت للمرأة أعمالًا لا تتناسب مع فطرتها الجسدية والنفسية، لكن تظل الأسر العربية الإسلامية أكثر استقرارًا وتقوم بأغلب وظائفها عن الأسر الغربية .
وتعدَّدت أنواع الأسرة في التاريخ حسب كل فترة زمنية مختلفة إلى نوعين؛ النوع الأول: الأسرة الممتدة، وهي أسرة مركبة حيث تتكوَّن من الأجداد وأبنائهم وزوجاتهم وأحفادهم والأصهار والأعمام، وتنتشر بكثرة في المجتمع الريفي، وبعد أن كانت نوعًا شائعًا فقد اقتصرت على الريف بسبب تقدُّم المجتمع من الزراعة إلى الصناعة، وتقوم على تعاون اقتصادي، كما يكتسب أفرادها الشعور بالأمن أكثر بسبب زيادة العلاقات الاجتماعية بينهم، والنوع الثاني: الأسرة النووية، وهي الأسرة المنتشرة حاليًّا في المجتمع.
الفكرة من كتاب الأسرة ودورها في تنشئة الأطفال اجتماعيًّا وتربويًّا
العملية التربوية ليست عملية آلية لها منهج موحد، بل هي عملية فعَّالة مرنة، تأخذ منحنًى خاصًّا بها حسب مبادئ وقواعد كل أسرة، والذي يُميِّزها أن لكل مُربٍّ قواعده الأساسية التي يبني عليها هذه الأسرة وتبدأ منذ الصغر، ومن سمات هذه القواعد أن تكون واضحة ومفهومة وقابلة للتطبيق والمتابعة، وأن يحاول الوالدان توحيدها داخل الأسرة، وعلى ذلك يجب أن تتضمَّن التربية أسلوب الثواب والعقاب لأنها ليست عملية عشوائية، لذا جاء هذا الكتاب ليضع أمامنا مفاهيم مهمة حول الأسرة ودورها، ودور كل من الأم والأب، ودور المدرسة أيضًا.
مؤلف كتاب الأسرة ودورها في تنشئة الأطفال اجتماعيًّا وتربويًّا
تمارا محمد زياد الجاد الله.