نشأة علم الاجتماع
نشأة علم الاجتماع
تكلم الباحثون في علم الاجتماع قبل ابن خلدون، واختلفت نظرة كل واحد منهم لهذا العلم، فهناك فريق نظر إلى تلك الظواهر من جانب التاريخ ووصفه بما كان عليه، وعند معالجة الظاهرة يسلكون طريق الحديث عنهما كما كانت، ومن أمثلة هؤلاء ابن حزم، وأما عن الفريق الآخر فقد سلك طريق الدعوة إلى المبادئ التي تقررها تلك الظواهر بأن يبين محاسنها ويجملها للمجتمع وهذا المنهج غالبًا ما يتبعه علماء الدين والخطابة كالإمام الغزالي والماوردي، وأما الفريق الثالث والأخير فاهتموا بما يجب أن تتشكل عليه الظواهر حسب قوانينهم، وهذا ما فعله أفلاطون وأرسطو.
أما الجانب الذي لم يتعرض له أحد قبل ابن خلدون هو أن للظواهر منهجية تسير عليها كتعاقب الليل والنهار، ولم تكن تلك الظواهر تدرس من قبل لأن المنهجية لم تكن ثابتة، إذ كانت تشكل حسب أهواء الحاكم، ولكن كان لابن خلدون رأي آخر وهو أنه لا بد من منهجية ثابتة يسير عليها هذا العلم، وكذلك كانت له أسبابه التي دعت إلى إنشاء هذا العلم ومنها التحقق من صحة كتب التاريخ، لأنه كان يرى أن كتب التاريخ تحملت الكثير من الأخبار الكاذبة والقصص المزيفة التي ينفيها العقل السليم.
ولحسم الجدل في هذا الأمر وضع ثلاثة معايير نحكم بها على كتب التاريخ:
المعيار الأول: يتمثل في شخصية المؤرخ ورأي الثقات فيه وفي ميوله، وهل هو رجل كلمة حق أم أنه يُساير أهواء الحاكم، المعيار الثاني: هو القوانين التي تخضع لها الظواهر الطبيعية مثل الكيمياء والفلك، وهنا ذكر الكاتب مثالًا عن ما نقله المسعودي عن الإسكندر أنه أخذ تابوتًا من الخشب في باطنه صندوق زجاجي ونزل به إلى أعماق البحر، وهذا يستحيل في قوانين الطبيعة لأن الموجود في الماء حتى وإن كان في صندوق يضيق عليه التنفس ويهلك،والمعيار الثالث يتمثل في الجهل بالقوانين التي تخضع لها ظواهر الاجتماع الإنساني، وذلك لأنه كما للطبيعة قوانين، فالظواهر الاجتماعية لها قوانين، وفي هذا نقل مثالًا عن المسعودي أن سيدنا موسى حين أحصى جنود بني إسرائيل وجدهم ستمئة ألف وهذا الرقم غير صحيح، لأنه لا يُناسب الظاهرة الاجتماعية حينها، ولهذا أنشأ ابن خلدون علم العمران أو علم الاجتماع الإنساني.
وقد وضع ابن خلدون أنامله على أصل علم الاجتماع وحقيقته، وهو أن أهم خصيصة لظواهر الاجتماع الإنساني أنها غير ثابتة، وإنما تختلف باختلاف العديد من العوامل.
الفكرة من كتاب عبدالرحمن بن خلدون حياته وآثاره و مظاهر عبقريته
في رحلة الحياة نتقلب بين حُلوها ومُرها، وقد تغلق علينا أبواب كنا نظن أنها النجاة، فحينها قد يزورنا اليأس ويسلبنا الأمل، ولكن حين تعرف كيف تقلبت الأمور برجلٍ مثل ابن خلدون وما طبيعة البيئة التي خرج منها، وكيف صعدت به الحياة إلى أعلى المناصب، وكيف هوت به في حُطام السجون، ولكنه لم ييأس وتعلم كيف ينهض من جديد حتى أصبح يكتب الكتب ويذكره التاريخ، ولهذا يعلمنا الكاتب في كتابنا هذا كيف نستفيد من عبقريته، كيف نستفيد من رجل زار الكثير من بقاع الأرض.
مؤلف كتاب عبدالرحمن بن خلدون حياته وآثاره و مظاهر عبقريته
علي عبد الواحد وافي، كاتب ورائد من رواد علم الاجتماع العربي، مصري الجنسية ولد في أم درمان بالسودان وعمل مدرسًا لعلم النفس والتربية والاجتماع في الأزهر وجامعة القاهرة والعديد من الجامعات العربية، وتقلد مناصب أكاديمية عدة، منها عميد كلية التربية بالأزهر، وله العديد من المؤلفات منها :
تحقيق المدينة الفاضلة للفارابي.
علم اللغة.
غرائب النظام و غرائب العادات.