التغيير.. إحجام وإقدام
التغيير.. إحجام وإقدام
لا تكاد تنفكُّ برامج التنمية البشرية وكتب القيادة الذاتية وقصص الناجحين ورواد الأعمال تدفعك دفعًا للتفكير في التغيير لكثرة طرقها هذا الباب وتعويلها عليه في النجاحات الحياتية ولو كانت بسيطة، لكننا هنا سنحاول أن نكون واقعيين، تعالَ نناقش الأمر منذ البداية ولن نتطرَّق إلى النتائج الآن، بدايةً دعني أطرح عليك سؤالًا: ترى ما الذي يحجِّم الناس أو يحجِّمك أنت تحديدًا عن اتخاذ قرار التغيير؟
اممممم، اسمح لي أن أفكر معك، ربما يكون ذلك مثلًا بسبب خارج عنك، بمعنى أن التغيير الذي نتحدث عنه ونتشوَّف إليه عادةً ما يكون في العادات أو المفاهيم أو الأفكار ليس تغييرًا ماديًّا محسوسًا؛ لسنا نتحدث هنا عن تغيير حقيبة أو منزل أو سيارة، وبالتالي من الطبيعي أن يكون ذلك شاقًّا في بداية الأمر، فالنجاحات نادرًا ما تأتي بغير تضحية وتعب أو مجازفة وإقدام، الأمر الآخر أنك -وربما سأكون قاسيًا فيما سأقوله قليلًا- قد لا تملك الهمَّة الكافية والعزيمة على التغيير، فكما رأيت التغيير ليس أمرًا سهلًا، وليس شاقًّا أيضًا على من يملك همَّة عالية، ولعلَّك تتساءل: ومن أين لي بالهمة العالية؟ الهمة تأتي من معرفة النتائج والثمار التي تنتظرني في آخر الطريق، برأيك ما الذي يصبِّر صاحب الوزن الثقيل على لعب الرياضة والحرمان مما يشتهيه من الطعام؟
بالتأكيد تلك هي الصورة التي يحلم بها كل يوم: جسد رشيق وصحة جيدة، ضع أي هدف تريد تحقيقه أو عادة تريد تغييرها أمامك، ثم تخيَّل النتائج وضعها أمامك، وابدأ بخطوات يسيرة نحوها لن تلبث أن تذوق ثمراتها مع الوقت، لن تنتظر إلى بلوغ النهاية، بل ستظهر لك الثمار والنتائج تباعًا.
إليك نصيحة مهمة: لا تحاول أن تشتِّت نفسك بين تغيير الكثير من العادات دفعة واحدة، ابدأ بأمر واحد أولًا، وبعد أن يصبح عادة لديك يمكنك حينها أن تضيف شيئًا جديدًا، وهكذا تعمل على تمرين عقلك، ولن يتسلَّل إليك الخوف الناتج عن إلزام النفس بالنجاح في عدة أمور دفعة واحدة.
الفكرة من كتاب قطار التقدُّم: مبادئ وأساليب للتغيير الشخصي
“عليك أن تتغيَّر”، “الحل في التغيير”، “شق طريقك نحو التغيير”، “التغيير هو أول سلم النجاح”، وغيرها الكثير من الشعارات الرنانة حول التغيير، أو ربما كتب بنفس الأسماء!
فإلامَ يرمي أولاء جميعًا.. ماذا يريدون منك؟
يريدون منك عزيزي القارئ -نتحدَّث هنا عن أصحاب النوايا الحسنة بالطبع لا أصحاب المبيعات- يريدون منك أن تنتقل من الحال التي أنت عليها إلى حال أفضل، بهذه البساطة، الجميع يدندن حول هذا المعنى ويعطيك خلاصة التجارب وأفضل الأدوات والوسائل، لكن لماذا التغيير؟
خلقنا الله بمواهب وقدرات عظيمة تحتاج أن تخضع لوطأة التحديات، وأن تمرَّ بتقلُّبات وتغيُّرات الحياة حتى تظهر، نعم التغيير نحو الأفضل يظهر أفضل ما فينا، وشئنا أم أبينا نحن نتغيَّر، نكبر.. نهرم.. نمرض.. نصح.. ننجح.. نفشل، الكون من حولنا يتغير أجسادنا تتغير، فما بال نفوسنا أغلقنا دونها أبواب التغيير! مهلًا بالطبع لن نفتح أبواب التغيير على مصراعيها علينا أن نفهم أنفسنا أولًا وننظر إلى المتاح مما بين أيدينا ونقدر قدراتنا حتى نعلم في أي البحار نخوض.
ستفهم قصدي قريبًا، لكن تعالَ أولًا نستمتع معًا بالاطلاع على هذا الكتاب.
مؤلف كتاب قطار التقدُّم: مبادئ وأساليب للتغيير الشخصي
عبدالكريم بكار: قاد الدكتور عبد الكريم بكار مسيرة أكاديمية طويلة دامت 26 عامًا بدأت عام 1976م في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية في القصيم في السعودية، لينتقل بعدها إلى جامعة الملك خالد في أبها، حصل خلالها على درجة الأستاذية
وظلَّ فيها حتى استقال منها عام 2002 ليتفرَّغ للتأليف والعمل الثقافي والفكري حيث يقيم في الرياض، ويحرص الدكتور بكار على أن يقدِّم رؤاه الفكرية والتربوية من خلال أعماله، وله العديد من المؤلفات البسيطة والقريبة من الشباب، ومنها:
العيش في الزمان الصعب.
جدِّد عقلك.
تجديد الخطاب الإسلامي- الجزء الأول.
مشكلات الأطفال.