نساء وغلمان كالرجال
نساء وغلمان كالرجال
إن القُرآن الكريم يوضِّح لنا أن العبرة ليست بالجنس، وأن الرجولة ليست بادعائها، فيضرب لنا القُرآن نموذجًا لامرأة هي واحدة من خير نساء العالمين، إنها امرأة فرعون، فقد قال الله تعالى: ﴿وَضَرَبَ ٱللَّهُ مَثَلࣰا لِّلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ ٱمۡرَأَتَ فِرۡعَوۡنَ إِذۡ قَالَتۡ رَبِّ ٱبۡنِ لِی عِندَكَ بَیۡتࣰا فِی ٱلۡجَنَّةِ وَنَجِّنِی مِن فِرۡعَوۡنَ وَعَمَلِهِۦ وَنَجِّنِی مِنَ ٱلۡقَوۡمِ ٱلظَّـٰلِمِینَ﴾، فأمام المُلك والنعيم اختارت الدار الآخرة، وفي عقر دار فرعون تخرج المرأة المؤمنة كصرحٍ عالٍ، كنموذج بطولي جليل.
وكذلك مريم ابنة عمران (عليها السلام) فهي مثال للتجرُّد لله تعالى، وقد قال الله تعالى فيها بعد امرأة فرعون: ﴿وَمَرۡیَمَ ٱبۡنَتَ عِمۡرَ ٰنَ ٱلَّتِیۤ أَحۡصَنَتۡ فَرۡجَهَا فَنَفَخۡنَا فِیهِ مِن رُّوحِنَا وَصَدَّقَتۡ بِكَلِمَـٰتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِۦ وَكَانَتۡ مِنَ ٱلۡقَـٰنِتِینَ﴾، فهذه بطولة من نوعٍ آخر، إنها بطولة العفَّة والطهارة، فكرَّمها الله (عز وجل) ببطولة إنسانية جديدة، إنه دور الأم لنبي من أنبياء الله (عز وجل).
وفي بيعة العقبة كان مع الرجال امرأتان بايعتا النبي (صلى الله عليه وسلَّم) وهما: نُسيبَةُ بنت كَعْبٍ وأسماء بنت عمرو، أما نُسيبة أم عُمارة (رضي الله عنها) فقد خرجت في يوم أحد لتسقي المسلمين، لكن حينما اجتمع الكفار على رسول الله باشرت القتال، وأصيبت بجروح عميقة، وحينما ادَّعى مسيلمة الكذَّاب النبوَّة قطَّع ابنها إربًا إربًا فما وهنت وما استكانت.
بل وإن الرجولة لم تقتصر على العُمر فحسب، فقد كان غلمان المُسلمين رجالًا لهم قدرهم، فقد استأذن رسول الله (صلى الله عليه وسلَّم) من غلام كان على يمينه ليشرب الأشياخ وقد كانوا على يساره، وكان (صلى الله عليه وسلَّم) يُسلم على الصبيان في الطريق، وفي يوم بدر اشترك غُلامان لقتل أبي جهل، فوزن الرجولة لا يأتي إلا بالعمل والبذل.
الفكرة من كتاب صناعة الرجولة في مدرسة محمد (صلى الله عليه وسلم)
كان من مكائد اليهود في العهد النبوي وجهلهم يقولون: “مُحمَّد خلَّف بناتٍ” محاولين إحباط مصانع الرجولة الإسلامية، إلا أن محاولتهم محاولة بائسة، وذلك لأن النبي (صلى الله عليه وسلَّم) خلف من بعده رجالًا لا يخشون الموت، رجالًا أمامهم إحدى الحُسنيين، رجال يقولون بأعلى أصواتهم: “قوموا، فموتوا على ما مات عليه نبيُّكم” وهم في أشد أزماتهم.
وفي كتابنا يعرض الكاتب نماذج عديدة من السيرة النبوية ومن القرآن الكريم في محاولة لتكوين كيف تكون صناعة الرجولة، وما مفهوم الرجولة في الإسلام؟ وهل يقتصر على الذكور وحدهم دون النساء؟ كل تلك الأسئلة نجد إجاباتها في رحلتنا مع هذا الكتاب.
مؤلف كتاب صناعة الرجولة في مدرسة محمد (صلى الله عليه وسلم)
محمد عبد المعطي محمد: طبيب استشاري، وباحث شرعي، له اهتمام كبير بمجال التربية، وله عدد من المؤلفات، منها:
“بالحب نُربي أبناءنا”.
“علِّم ابنك كيف يسأل ربه وكيف يشكو حزنه إلى الله”.