الزواج أولى البذور
الزواج أولى البذور
إن الركيزة الأهم في بناء الأخلاق هي الإيمان والعقيدة، ولكنه لو لم يطبَّق عمليًّا فستظل العقيدة مُجرد قناعة ليس إلَّا؛ وهذا يجعلها غير مؤثِّرة في حياة الفرد الشخصية أو الاجتماعية، فحين يضبط المُسلم رؤيته للدُنيا ويحقُّ الحق ويُبطل الباطل بمعايير دينه وينطلق في الحياة بهذا التصوُّر؛ فإن حياته ستنتظم وتتشكَّل من جديد بصورة يرضى عنها الله (عز وجل)، فكما يحمل الإنسان همَّ الجوع إن لم يعمل، فلا بدَّ أن يحمل همَّ الحساب يوم القيامة، وبهذا ينطلق بقوَّة الدفع المركزية التي يشكِّلها إيمانه.
وإنَّ كمال أي أمة أو مجتمع يبدأ من الأسرة، فإن تشكَّل إيمان الأفراد بصورة صحيحة تشكَّلت الأُسر بصورة سليمة، ومن ثمَّ يصبح لدينا مجتمع وأمَّة سليمة، فالنجاح يبدأ في المنزل، والأسرة هي النواة الأولى للأمَّة، وهي مؤسسة مقدَّسة أولى خطواتها الزواج، وهو يعني اقتران اثنين بعقد مشروع في إطار مبادئ معينة، والدين يجعل هذا الاقتران ركنًا في الأمَّة الصالحة، فحُريٌّ بالمُسلم أن يكون بالغ الدقَّة في مسألة الزواج، ويجعل مقصده في الزواج إنشاء جيل يرتضيه الله تعالى.
والزواج الهادف هو الذي يقوم على العقل والمنطق إلى جانب الحسِّ والعاطفة، فإن ارتبط الزواج بغاية وهدف عمَّت الطمأنينة والسكينة، وبهذا ربط ديننا الزواج بغايات وأهداف سامية، فالزواج ليس لمجرد المتعة الجسمانية، بل إنه مسألة عامَّة ودينية ترتبط بسعادة الأمَّة بأسرها، بل والإنسانية جمعاء، فهي بمثابة عطيَّة يتفضَّل الله بها على الإنسان حتى يتيسَّر تحقُّق الغاية العظمى. يقول رسول الله ﷺ: “تَناكحوا تَناسلوا فإني أُباهي بكم الأممَ يومَ القيامةِ”، فهذا هو الداعي للزواج، تربية نسل يفتخر به الرسول ﷺ، نسل يجتهد لنيل رضا مولاه، ونشر كلمته.
الفكرة من كتاب من البذرة إلى الثمرة
“نحن ثمرةُ أعمالِ السابقين، والأجيالُ القادمة ستكون ثمرةَ أعمالنا، فبدلًا من أن نشكوَ الزمانَ والعصرَ الذي نعيش فيه، علينا أن ننظر إلى ما أُهْمِلنا فيه من عناصر تربويَّة فنستدركَها في أولادنا حتى نُحقِّقَ عملية انبعاثٍ قلبيةٍ وروحيةٍ وشعوريةٍ لنا ولتاريخنا وللأجيال القادمة من بعدنا”؛ بهذا المبدأ انطلق محمد فتح الله كولن في كتابه هذا ليتناول بعض المسائل المُتعلِّقة بالزواج والأسرة والتربية، فكلٌّ من الزوجين يعتمد على الآخر على نحو كبير، فأولى المسؤوليات الملقاة على عاتق ربِّ الأسرة هي اختيار رفيقة حياته، لذا كان مفهوم الزواج عنصرًا مهمًّا لا بدَّ من بناء تصوُّر صحيح عنه، ثم يجب أن يكون الأبوان على علم ومعرفة بالتربية، حتى يتمكَّنا من إنشاء جيل صاحب عقيدة قوية سويِّ النفس، وعلى قدر من الوعي والبصيرة.
مؤلف كتاب من البذرة إلى الثمرة
مُحمد فتح الله كولن: مُفكِّر إسلامي وداعية تركي، وُلِد عام 1941م في قرية كوروجك بتركيا، ونشأ في عائلة متديِّنة، فدرس في المدرسة الدينية في طفولته وصباه، وعندما بلغ العشرين من عمره عُيِّن إمامًا في جامع بمدينة أدرنة، ثم بدأ العمل الدعوي في أزمير في مدرسة تحفيظ القرآن، ثم عمل واعظًا متجوِّلًا، فطاف في جميع أنحاء غربي الأناضول.
أُطلِقَ عليه “أب الإسلام الاجتماعي”، فهو مؤسس وزعيم “حركة كولن”، وهي حركة دينية تمتلك مئات المدارس في تركيا، كما تملك الحركة صحفها ومجلاتها وتلفزيوناتها الخاصة، وشركاتٍ خاصة وأعمالًا تجارية ومؤسسات خيرية.
له العديد من الكتب منها:
إعلاء كلمة الله.
ونحن نبني حضارتنا.
الرد على شبهات العصر.
الاستقامة في العمل والدعوة.