لقد تذكرنا الآن.. نحن لسنا عربًا
لقد تذكرنا الآن.. نحن لسنا عربًا
لقد شاع هذا المصطلح الغريب المُسمى بالشرق أوسطية في أوساط المثقفين، ويجري تقديمه على أنه بديل للتجمع العربي، وهو أيضًا مُبهم للغاية ويفتح الباب رحبًا أمام الجميع، وسرعان ما بدأ مؤيدو هذا التوجه في الإدلاء بتصوراتهم، فبعضهم يصورها كأنه لا بديل لها في ظل أنظمة الاقتصادات الحديثة التي تعتمد التكتلات الاقتصادية أساسًا لها، والحجة الأخرى هي براجماتية محضة عن كوننا سنفوت الكثير من الفرص بتعنتنا ورفضنا لهذا التكتل.
ولكن يبدو أنه في أثناء هذا الترتيب المتسرع قد فات هؤلاء بعض الأمور، أليس من الغريب في حالة الصراع العربي الإسرائيلي أن نتحدث عن سوق مشتركة ومزاياها وهناك شعب مُهجر وأمور لم تنته بعد؟ على الأقل بالنسبة إلى الشعوب العربية التي تأكدت بالتجربة أن خير أي احتلال هو محض وهم، وإذا كان الاتفاق يتعلق بالاقتصاد فقط، هل يستطيع مثقفونا أن يجزموا بعدم وجود فرض لأي هوية على أُخرى، هل استكان العرب لهذه الدرجة ومع طول الأمد نسوا ماذا يعني السلام وكيف يتحقق؟ لقد أصبحوا يقدمون التنازلات مقدمًا ويرضون بالهيمنة الخارجية، لقد خُدعوا أيضًا بكل تلك التطمينات وبصورة إسرائيل المسكينة المُحاطة بالأعداء من كل جانب، وعلام يرفضون التعاون معها وهي تكاد لا تكسب شيئًا من اقتصاداتهم الضئيلة؟.
كيف يمكن لعاقل القول إن الهوية العربية غير مقصودة ولا يمسها سوء من وراء تعاون كهذا؟ إن الرضا بدخول إسرائيل بأي شكل وسط العرب هو إزاحة لهذه الهوية أو بالأحرى إلقاء بها من شاهق، لقد تأثرت تلك الهوية قطعًا من قبل إسرائيل بالفعل وتعددت القوميات داخل الوحدة العربية بعد الاستعمار الذي ملأ بقاعنا.. فهل كانت تنقصنا الشرق أوسطية؟
إن التأثر والتفاعل مع الآخر مطلوب ولكن عندما يتم ذلك من صاحب قوة إلى مُفتقدها فهو الغزو لا شك؛ لا يمكن تسمية ما حدث بالجزائر من سيطرة كاملة للفرنسية على حساب لغة أهلها تبادلًا ثقافيًّا، إنها إبادة جماعية لتراث الناس قبل إبادتهم، لقد صاحبت تلك الدعاوى المُبهمة تفسيرات أكثر إبهامًا وتعقيدًا، يُمكن أن يُفهم منها تعمد تجنب المباشرة والمشكلات التي تأتي من ورائها، لقد أصبحت المهمة حرجة والتفسيرات صارت تحتاج إلى مثقفين من نوع خاص، نوع لا يخجل.
الفكرة من كتاب المثقفون العرب وإسرائيل
إن التعامل مع الاحتلال الإسرائيلي والحركة الصهيونية باعتبارها مجرد مرحلة عابرة في تاريخ حروب مصر الطويل هو سطحية متعمدة لا ينبغي إحسان الظن بها، يحدثنا الدكتور جلال أمين عن تعريف النصر والهزيمة وعن طبيعة الحروب التي دخلها العرب منذ بداية الصراع، ويحاول إيجاد تفسيرات جديدة لتلك الهزائم التي ربما لم يرد أحد وحتى نحن أن ننتصر فيها، ويتطرق أيضًا إلى هذا النوع من المثقفين الجدد وكيفية تعاطيهم مع الدعايا الإسرائيلية، أو حتى مبادراتهم المبتكرة في تلك السوق التي لا تترك لأحدهم مجالًا حتى ليستر نفسه.
مؤلف كتاب المثقفون العرب وإسرائيل
جلال أمين، وُلد عام 1935م، هو ابن الاديب والمفكر المصري أحمد أمين وواحد من أهم الكتاب والمفكرين المعاصرين، تخرج في كلية الحقوق جامعة القاهرة ونال درجتي الماجستير والدكتوراه من جامعة لندن، عمل أستاذًا للاقتصاد بكلية الحقوق جامعة عين شمس والجامعة الأمريكية بالقاهرة، كان مهتمًّا في كتاباته بالجانبين الاجتماعي والاقتصادي ورصد التغيرات التي تجري للمصريين في هذين الجانبين، ومن أهم كتبه:
خرافة التقدم والتخلف.
ماذا حدث للمصريين؟
عصر الجماهير الغفيرة.