ثالوث المراجعات التاريخية
ثالوث المراجعات التاريخية
“إعادة كتابة التاريخ تتم عادة لتحقيق أهداف سياسية” كانت هذه كلمات الكاتب اليهودي برنارد لويس، فبعد أن تمكن اليهود أكاديميًّا وملئهم الموسوعات بتاريخ من تفصيلهم في مشروع يهودي صهيوني ومتصهين غير يهودي بالضرورة – على حد تعبير الكاتب – واجتياحهم العقل الغربي عملوا على المراجعات التاريخية عن طريق ثلاثة محاور، أولها غسل التاريخ اليهودي من كل شائنة، وثانيها سرقة العبقريات، وثالثها سرقة المآسي.
أما غسلهم للتاريخ اليهودي فيخبرنا المؤلف عن الغزو الفارسي للقدس عام 614 الذي صحبته مجازر يهودية بحق عشرات الآلاف من المسيحيين إذ يقول القس جورج ويليامز إن اليهود تبعوا الفرس لإشباع رغبتهم في الثأر من المسيحيين وذبحهم وتدمير كنائسهم، وظلت هذه المجزرة حاضرة في جميع الكتابات التاريخية حتى حدوث الهولوكوست، فبدأت الكتابات تتجاهل المجزرة تمامًا أو تذكرها دون ذكر دور اليهود فيها، وفي إسرائيل لا يذكر أي شيء عن تلك المجزرة في المناهج التاريخ في الجامعات العبرية، إضافة إلى رفض المؤرخين اليهود تقصي مساهمة اليهود في تجارة الرقيق من القارة الإفريقية لأمريكا.
أما سرقة العبقريات فبدأت بزعمهم أن المسيح يهودي، وأن محمدًا من سلالة إبراهيم اليهودي، وأن البوذية والمسيحية أخذتا الجانب الوعظي من التوراة، وادعى اليهود أيضًا أنهم بناة الأهرامات، وأن تمويل رحلات كولومبس كانت من مستثمرين يهود وأنه ينحدر من أصل يهودي، وهم لا يعنيهم التدقيق في أي مما سبق، ولا يعنيهم مثلًا هل كان بوذا سابقًا لموسى أم لا!
أما سرقة المآسي فالمقصود بها إيصال الناس إلى الاعتقاد بأن اليهود هم الشعب الوحيد الذي تعرض لمأساة مخيفة، ابتداءً من التيه في سيناء إلى الدياسبورا (المنفى والشتات اليهوديين) إلى الهولوكوست وتصدر تلك المآسي كأنه لم يكن هناك أي مآسٍ أخرى لأي شعب آخر، وهم يبتزون العالم بالهولوكوست وكأن العالم كله كان نازيًّا، وينقل الكاتب عن بيتر نوفيك أن اليهود يعتمون على أي مأساة تاريخية حتى لا تسرق الأضواء عن الهولوكوست رغم أن ستالين قتل أعدادًا أكبر مما قُتل من اليهود، وحتى هتلر قتل من الغجر أو البولونيين أكثر مما قتل من اليهود.
الفكرة من كتاب تهويد المعرفة
في مطلع القرن الثامن عشر بدأت صورة اليهودي في الأدب والواقع الإنجليزي تتغير تمامًا عن صورة اليهودي الجشع والمستغل إلى اليهودي الإنسان المعين والطيب الذي يمكن أن يساهم في حل المشكلات الاقتصادية بثروته!
يبين لنا ممدوح عدوان من خلال دراسته كيف عمل اليهود على إعادة صياغة التاريخ بغرض طمس تاريخ فلسطين وتصويرها أرضًا خالية إلا من اليهود على مر العصور، وقد قدموا أطروحاتهم في المؤسسات الأكاديمية لتكون ضاغطة على المجتمع العلمي، في جزء من مشروع يهودي يعمل على العقل الأوروبي، ليكون بهذا استعمارهم للعقل والفكر لا للأرض وحسب، متحدثًا أيضًا عن نفوذ اليهود على الديانة المسيحية واعتبارها امتدادًا لليهودية، وسعيهم للتغلب على الكراهية تجاههم بقتلهم المسيح، حتى إنهم استصدروا فتوى بتبرئتهم من دم المسيح من البابا نفسه.
مؤلف كتاب تهويد المعرفة
ممدوح عدوان (1941- 2004): كاتب وشاعر ومسرحي سوري.
تخرج في قسم اللغة الإنجليزية في كلية الآداب جامعة دمشق، وعمل في الصحافة وفي التدريس بالمعهد العالي للفنون، وله العديد من المجموعات الشعرية والمسرحيات والمسلسلات التلفزيونية والكتب، إضافةً إلى العديد من الترجمات.
من أهم كتبه ومؤلفاته:
حيونة الإنسان.
هواجس الشعر.
هملت يستيقظ متأخرًا.
المتنبي في ضوء الدراما.
محاكمة الرجل الذي لم يحارب.