السلاح الناعم
السلاح الناعم
تحدَّثنا بما فيه الكفاية عن العقل والفكر والسلوك، أما حان دور القلب؟ إنه الآن سيد القصة، فمتى عجزت عن إقناع الطرف الآخر بالمنطق واستسلمت لجموده أمام طلبك جرِّب أن تخاطب قلبه بلطف ورقة، ونضمن لك قارئنا أنه سيلين أمامك، لأننا بالفطرة شعوب عاطفية نتفاعل مع المشاعر ونحسب لها وزنًا، أما القوانين فـ”وضعت لتكسر” في بعض الحالات، والمناصب الرسمية لا تنفي إنسانيتنا وسواسيتنا كبشر في النهاية، لذا يتبقَّى لنا الجانب الإنساني في ألطف صوره “لنأخذ منه بالرفق ما لا يؤخذ بالقوة”.
وفي ذلك قصة طريفة تعود إلى كاتبنا في فترة المراهقة حين نشر مقاله الأول وطُلب منه صورة شخصية لتوضع أعلى المقالات، وفي خضم فرحته وحماسه أرسل صورة على حد قوله “ساذجة”، ظل بعدها يحاول ويحاول تغييرها بطلبات رسمية واتصالات كثيرة دون جدوى، وبعد يأس قرَّر في محاولة أخيرة محادثة مخرج الصحيفة ليخبره أن الوالدة تبلغه السلام وتسأله تغيير الصورة لأنها لا تعجبها، فضحك المخرج ووعده بتغيير الصورة لأجلها، وقد كان فعلًا!
ولا تقتصر التعاملات الإنسانية على الرفق وحده، فهناك الحلم حيث يندمج القلب والعقل ليُخرجا لنا شخصًا رائعًا يجيد التحكُّم بأعصابه والتفكير بعقله في لحظات الشدة، ويعطي قلبه قدرًا سليمًا ليقابل السيئة بالحسنة ويتغاضى متى ما لزم التغاضي، فلا يأتينا إلا بقرار صائب يحل الأزمة مهما بلغت، ويكفينا ونفسه شرور الأعداء والمهاترات العبثية، بل ويحيلهم إلى أصدقاء ودودين، فهو إذًا مستحقٌّ لاحترام الآخرين وولائهم ومحبتهم، وهو خير سيد للقوم وهذا دأب المصطفى محمد (صلى الله عليه وسلم)، ولنا فيه أسوة حسنة حين قال: “إنما العلم بالتعلُّم والحلم بالتحلُّم”، فأرشدنا إلى أن الحلم مكتسب بالممارسة، فلا تظن أنه من المورثات ولا أن اكتسابه مستحيل، بل يحتاج إلى تدريب للنفس لتغنم بعدها بسيد الأخلاق.
الفكرة من كتاب نظرية الفستق
تسير الحياة بين كثير من المتناقضات كالعسر واليسر والحزن والفرح، وبين فعل ورد فعل تراها تتبدَّل إلى حال لم تعهده فتدرك مدى هشاشتها، حول هذا المنطلق تحدَّثت نظرية الفستق، تلك النظرية التي وجدت طريقها إلى النور صدفة دون تخطيط من الكاتب، لكن عقل المفكرين الدائم العمل والابتكار أخرج من الموقف العابر قانونًا يصلح لكل الأجيال والأحوال، على ذلك لم يقصر حديثه عليه، بل صاغه في مقال يقع ضمن ما يربو على الستين مقالًا، تتنوَّع مجالاتها بين تطوير الذات وطرق التفكير والإدراك والسلوك الإنساني.
لكن ما علاقة الفستق بمضمون الكتاب؟ هل حب الكاتب له دفعه إلى ابتكار نظرية باسمه؟ أم أن الفستق يرتبط ارتباطًا وثيقًا بالعلوم الإنسانية؟ تلك تساؤلات لن تجد إجابة لها إلا باكتشاف الصفحات القادمة.
مؤلف كتاب نظرية الفستق
فهد عامر الأحمدي: صحفي سعودي من مواليد عام 1966، تعدَّدت أنشطته بين الترحال والإعلام والتأليف وكتابة المقالات التي بلغت أرقامًا قياسية من حيث العدد، أما من جانب الحجم فقيل إنها توازي خمسين رسالة دكتوراه.
ذاع صيته تحديدًا من خلال زاويته “حول العالم” التي احتلَّت الصفحة الأخيرة في جريدة “المدينة” قبل انتقاله إلى صحيفة “الرياض” عام 2006، فكان لتلك المقالات متنوِّعة المجالات فضل كبير في إثراء الصحافة وجذب القراء، حتى لقب بـ: “أنيس منصور السعودية”، وقد بلغت مؤلفاته ستة عشر كتابًا، من أبرزها:
نظرية الفستق “الجزء الأول والثاني”.
شعب الله المحتار.
أسرار الاستمرار.