مصيدة الظنون
مصيدة الظنون
الظنون وما أدراك ما شرها! تحل بالمرء فتسلبه الصواب فكرًا وعملًا، تأتينا بصور عدة تهاجم ذاتك مرة وتدفعك إلى قتل الآخرين بأحكامك مرات، فكثيرًا ما يسبق الحكم تقصِّي الحقائق، لتسرع باعتماد رأيك عن فلان الذي لا يستهويك، وتقنع ذاتك النيِّرة أنها تفطن إلى معادن البشر، وأنك اكتشفت حقيقة ما يضمره، والحقيقة الوحيدة أنك خدعت نفسك وجعلت اللاوعي يجسِّد أفكارك في تصرفاتك مع هذا الشخص، الذي سيسيء التصرف بدوره كرد فعل طبيعي ودفاعي لما تبديه تجاهه من حدة وتحفز، ومن ثم يتدخَّل لا وعيك مجددًا ليبرهن بمكر أنه على صواب، وأن ظنونك السيئة قد صدقت.
لا ينتهي الأمر عند هذا الحد، بل يمتد إلى ما هو أبعد من العلاقات العابرة، كعلاقة الآباء بالأبناء، وعلاقات الموظفين والمدراء، وحتى علاقات الدول التي تسن أسلحتها وتعلن حالة الاستنفار خوفًا مما تضمره جارتها، ما يستفز الأخيرة فتدفع بقواتها للتصدي، ومن هنا ينشأ التوتر بين الجارتين وتبدأ نزاعات الشد والجذب دون سبب حقيقي للحرب، وعلى النقيض دعنا نفترض حسن الظن في أفكارنا ونستحضره في مواقف نعايشها يوميًّا، كبقال الحي حين تبتاع منه ثم تكتشف عدم امتلاكك المال، فيدعك تأخذه إيمانًا منه أنك سترد المبلغ متى اقتنيته، فتجد نفسك لا إراديًّا تسرع في رد المال إليه جزاءً له على ثقته وامتنانًا لفعله ولكي لا تخيب ظنه، وقس على هذا الموقف مواقف أخرى تستنتج منها أن حسن الظن بالآخرين سينعكس على طريقة تعاملك، وهو أول خطوة لتنال علاقة مريحة وتعاملات تسرك.
وبصورة أخرى إننا نتيجة ما نتصوره عن أنفسنا، فإذا ما حدَّثت نفسك عن شجاعتها وظننت بها خيرًا ستتولَّد بداخلك ثقة كبيرة تنعكس على تعاملاتك مع الآخرين وتكسبك دعمهم واحترامهم، أما إن فقدت تلك النظرة فستصبح شخصًا متردِّدًا يرفضه الناس ولا يعطونه قدره، وهذا سيؤثر فيك تباعًا بالسلب وسيكسبهم حقًّا وهميًّا في تدميرك بآرائهم، فاحرص على تلقين ذاتك جملًا إيجابية، وكرر عليها ما تريد إيجاده فيك حتى يتحقق، فـ”قناعاتك بفعل المستحيل هي فقط ما تجعلك مؤهلًا لفعل المستحيل”.
الفكرة من كتاب نظرية الفستق
تسير الحياة بين كثير من المتناقضات كالعسر واليسر والحزن والفرح، وبين فعل ورد فعل تراها تتبدَّل إلى حال لم تعهده فتدرك مدى هشاشتها، حول هذا المنطلق تحدَّثت نظرية الفستق، تلك النظرية التي وجدت طريقها إلى النور صدفة دون تخطيط من الكاتب، لكن عقل المفكرين الدائم العمل والابتكار أخرج من الموقف العابر قانونًا يصلح لكل الأجيال والأحوال، على ذلك لم يقصر حديثه عليه، بل صاغه في مقال يقع ضمن ما يربو على الستين مقالًا، تتنوَّع مجالاتها بين تطوير الذات وطرق التفكير والإدراك والسلوك الإنساني.
لكن ما علاقة الفستق بمضمون الكتاب؟ هل حب الكاتب له دفعه إلى ابتكار نظرية باسمه؟ أم أن الفستق يرتبط ارتباطًا وثيقًا بالعلوم الإنسانية؟ تلك تساؤلات لن تجد إجابة لها إلا باكتشاف الصفحات القادمة.
مؤلف كتاب نظرية الفستق
فهد عامر الأحمدي: صحفي سعودي من مواليد عام 1966، تعدَّدت أنشطته بين الترحال والإعلام والتأليف وكتابة المقالات التي بلغت أرقامًا قياسية من حيث العدد، أما من جانب الحجم فقيل إنها توازي خمسين رسالة دكتوراه.
ذاع صيته تحديدًا من خلال زاويته “حول العالم” التي احتلَّت الصفحة الأخيرة في جريدة “المدينة” قبل انتقاله إلى صحيفة “الرياض” عام 2006، فكان لتلك المقالات متنوِّعة المجالات فضل كبير في إثراء الصحافة وجذب القراء، حتى لقب بـ: “أنيس منصور السعودية”، وقد بلغت مؤلفاته ستة عشر كتابًا، من أبرزها:
نظرية الفستق “الجزء الأول والثاني”.
شعب الله المحتار.
أسرار الاستمرار.