غزو رياضي.. جيش الإمبراطورية ينشر اللعبة
غزو رياضي.. جيش الإمبراطورية ينشر اللعبة
مع كل هذا السحر والطغيان الشعبي لكرة القدم، لم يكن البريطانيون مستعدين ليتركوها خلفهم في الديار، ولم تشغلهم التوسعات الاستعمارية عنها، وقد أخذوها معهم أينما ذهبوا، ولما كانت كرة القدم داخل الجيش على هذا القدر من التنافسية والمستوى العالي، فقد عبروا عن اللعبة ونقلوها في أكمل صورها، ويتناول الكتاب خمس مستعمرات إنجليزية مُورست فيها اللعبة، كانت كرة القدم عنصرًا داخل نموذج ثقافي كامل قُصد أن يتم تمريره إلى السكان الأصليين، عن طريق المدارس والمنشآت البريطانية التي كانت تجذب أفراد الطبقة العليا لتربية أبنائهم على نموذج المُستعمر البريطاني، كان لهذا الأسلوب نتائج غير مقصودة على السكان الأصليين أقلقت وجود المستعمِر وعززت الروابط القومية لتلك الشعوب المُستعمَرة، سرعان ما انتشرت كرة القدم نتيجة الترويج المُتعمد للرياضة البريطانية، وانتقلت الى السكان الأصليين الذين نظروا إلى هذا التنافس مع البريطانيين كتحدٍّ وجعلوا هدفهم التغلب على المستعمِر البريطاني في لعبته، ونظروا دائمًا إلى لحظة الانتصار تلك على أنها نصر قومي.
وكانت الهند دُرة التاج البريطاني إحدى تلك المُستعمَرات التي تم فيها تطبيق سياسة بريطانية تهدف إلى إدماج السكان الأصليين الذين درسوا وتخرجوا في الجامعات البريطانية ووضعهم في المناصب التنفيذية، إذ كان من الصعب توفير كوادر بريطانية في كامل أنحاء الإمبراطورية، ولكن بالنسبة إلى أعداد المواطنين الهنود فلم تكن هذه النخبة صاحبة أي تأثير في التعليم الهندي، ولكن حتى هذه النخبة لم تجد قبولًا من البريطانيين، فقد كانوا ممنوعين من الاشتراك في النوادي الاجتماعية البريطانية، وأدت هذه النزعة العنصرية إلى حس عدائي وتحد قومي بإنشاء نواد اجتماعية للهنود وفرق لكرة القدم تتحدى المستعمر وتطمح للتغلب عليه، وأصبح اليوم الذي تغلب فيه نادي “موهين باجان” الهندي على الفريق البريطاني، يومًا من أيام الهند.
الفكرة من كتاب الإمبريالية والهوية الثقافية وكرة القدم: كيف أنشأت الإمبراطورية البريطانية الرياضة الوطنية المصرية
نشأت كرة القدم في البداية وسيلة للحفاظ على اللياقة البدنية والمساعدة على الانخراط وسط الفريق واللعب الجماعي، كانت هذه الأفكار نابعة من حركة “المسيحية القوية” التي سيطرت على الكنائس والأوساط التعليمية داخل إنجلترا في بداية القرن التاسع عشر، أصبحت كرة القدم بعدها رمزًا بريطانيًّا ووسيلة لنشر ثقافتها، يشرح الكاتب كيف تأثر السكان الأصليون بهذه الرياضة تحت الاستعمار البريطاني، وكيف اتخذت أبعادًا أخرى سياسية بعد ذلك.
مؤلف كتاب الإمبريالية والهوية الثقافية وكرة القدم: كيف أنشأت الإمبراطورية البريطانية الرياضة الوطنية المصرية
كريستوفر فيرارو: باحث بقسم التاريخ في كلية الآداب جامعة سانت جون في نيويورك، حصل على الدكتوراه في هذه الأطروحة تحت إشراف الأستاذ الدكتور مايرسيو بوريرو، المتخصص في التاريخ الاجتماعي الرياضي، وقد استعان أيضًا بالدكتور كونراد تيششير المتخصص في التاريخ الإفريقي، وبالدكتورة نيرنا ريستمجي الباحثة في شؤون الشرق الأوسط ليخرج لنا هذا الكتاب.
عن المترجم:
وليد رشاد زكي: أستاذ مساعد في علم الاجتماع بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية.
له العديد من المؤلفات، منها:
المواطنة والتمكين في العصر الرقمي.
رأس المال الاجتماعي عبر المجتمع الافتراضي: مقومات البناء ومعوقات الإهدار.