التاريخ
التاريخ
تعود جذور ممارسة الرياضة إلى القرون الوسطى في أوروبا، وبالتأكيد كانت هناك أشكال مختلفة من اللعب واللهو في كل الحضارات الإنسانية، لكن الرياضة بمفهومها التنظيمي ظهرت بممارسة الصيد، الذي كان حكرًا على طبقة النبلاء والحكام، وتمثَّلت في صورة الصراع بين الإنسان والحيوانات على مسرح الطبيعة، محقِّقة إشباعًا لغريزة العنف والعدوان، وقد تستمر لأيام متواصلة في الرحلة ولا تحدُّها مساحة، ويقتصر حضور الجمهور على الحاشية أو بعض الخدم أو ينعدم الحضور إلا بالأفراد الممارسين، نظرًا إلى صعوبة البيئة المحتضنة للرياضة.
ثم تطوَّرت في القرن السابع عشر باستحداث الأسلحة النارية، فزادت نسبة إبادة الحيوانات، وتم تسخير بعض أنواعها في صراعات دموية لمجرد تحقيق المتعة واللهو للمتفرجين، وفي القرنين الثامن عشر والتاسع عشر بدأ مفهوم الرياضة يتحوَّل من الدموية إلى البدنية، وحل الإنسان محل الحيوان في المنافسة، فأصبحت الرياضة تعني تنافسًا بدنيًّا بين ندَّين، تحت قواعد حاكمة وفي إطار ملعب محدَّد.
ومع وصولنا إلى القرن العشرين أخذت الرياضات تتشعَّب بأنواع وصور متعدِّدة، وبرز فيها دور الجمهور بصفة أساسية، وأصبحت أكثر تنظيمًا من ناحية القواعد، وصاحبها التطوُّر التكنولوجي في وسائل البث والنقل، ما أعطاها طابعًا جماهيريًّا مهولًا، وامتدَّت إلى الطبقة العامة بعد أن كانت حكرًا في مفهومها القديم على الأرستقراطيين، واختبروا بسببها مشاعر جياشة واضحة في أثناء المباريات، حتى اعتبرها البعض وسيلة للتعبير عن الذات الفردية التي تعاني تحت وطأة المجتمع الصناعي الذي يتجه إلى تحويل كل شيء إلى آلة بما فيها الإنسان.
نزعت المشاركة الجماهيرية المتضخِّمة صفة الترفيه عن الرياضات وصبغتها بلون الصناعة، واتجهت رؤوس الأموال إلى الاهتمام بكيفية إدارة هذه الألعاب وتحقيق أكبر هامش ممكن من الأرباح المستمرة، وأمام تضاعف أعداد الرياضات والخضوع لظاهرة العولمة، تم خلق عالم جديد أمام الرياضات.
الفكرة من كتاب فلسفة الرياضة
لو اخترنا النشاط الأبرز والأكثر تأثيرًا في آخر قرنين لكانت الرياضة وبلا أدنى تردُّد، فهي متربِّعة على عرش الممارسات الإنسانية، وتتجاوز الرياضات الحديثة حدود اللهو واللعب العاديين إلى اتخاذها أشكالًا أكثر تنظيمًا وتركيبًا بحيث تخدم أهدافًا اقتصادية وجماهيرية أعرض، ولا تزال التطوُّرات والتعديلات تلقي بظلالها على نوعيها الفردي والجماعي بهدف جعلها أكثر إشباعًا لحاجات الجمهور، فما السبب في تلك الحفاوة الكبيرة، أي ما جوهر الرياضة؟ وما الذي تشترك فيه أنواعها المختلفة؟ وهل لاختلاف أدواتها وقواعدها أسباب فلسفية ما؟
مؤلف كتاب فلسفة الرياضة
ستفين كونور: أستاذ اللغة الإنجليزية بجامعة كامبريدج، أدار سابقًا مركز كونسورتيوم للأبحاث في الآداب والعلوم الاجتماعية والإنسانية، وشغل منصب أستاذ الأدب الحديث بكلية بيركبك بجامعة لندن، ويهتم بدراسة التاريخ من جانبه الثقافي المرتبط باللغة والفلسفة، من أهم مؤلفاته: “مادة الهواء: علم وفن ما هو أثيري”، و”الحشرة”، و”كتاب الجلد”.
معلومات عن المترجم:
طارق راشد عليان: باحث ومعد برامج في شبكة قنوات أبوظبي، عمل محررًا ومترجمًا في مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية، حصل على جائزة الترجمة للشباب في دورتها الثالثة لعام 2015م ، ينشر أعماله في العديد من المجلات مثل: “العربية” و“الثقافة العالمية”.
من أهم أعماله: “التعليم العالي في عصر الإنترنت”، و“عندما يسقط العمالقة”.