السبيل اللطيف
السبيل اللطيف
جميع الاستراتيجيات التي تمَّ ذكرها سابقًا، أسلوبها حاد وتشجِّع على الرد على الهجوم بهجوم، ولكن تذكَّر أننا اتفقنا أننا لن نستخدمها إلا بعد استخدام الأسلوب اللطيف المُهذَّب، وإن لم يُجدِ نفعًا سننتقل إلى الهجوم، الأيسر هو استخدام الهجوم، وهذا ما تدفعنا إليه سجَّيتنا، حيث كان الأمر مفيدًا في العصر الحجري من أجل الصراع على البقاء، لكن الحكمة الآن هي اللجوء إلى الأسلوب الليِّن لعدَّة أسباب، منها: تحسين العلاقات الإنسانية، وإلى جانب ذلك توفير الطاقة التي نهدرها في الشجار ومشاعر الحقد، والوقت الذي نمضيه للتفكير لكيفية التربُّص أو التهرُّب من الطرف الآخر، لذا سنذكر استراتيجيات للرد على الهجوم بردود لطيفة بدلًا من الردود اللاذعة.
في البداية عند الاختلاف مع أحد في الرأي فهذا لا يعطينا الحق أن نعتدي عليه، فقد يكون على حق ونحن على باطل، لذا لا بد أن نظهر التفاهم حتى وإن اختلفنا، فنستخدم عبارات مثل هذه زاوية نظر جديرة بالاهتمام أو بإمكاني أن أفهمك، ولا بد أن نترك للطرف الآخر الفرصة لإتمام كلامه، وأن يسود النقاش الهدوء والرزانة، وإن شعرنا أن نبرة صوتنا تعلو نتعمَّد أن نخفضها، وإن شعرنا بالانفعال قد نوجِّه النقاش إلى موضوع نتفق عليه، يُنصح أيضًا من وقت إلى آخر استخدام اسم الشخص، فذلك يدلُّ على المودة والاحترام.
عندما يندفع شخص فجأة لسبب بسيط علينا أن نُدرِك أننا قد نكون بكلماتنا ذكَّرناه بأمر ما يزعجه، أو أنه تعرَّض في الوقت الحالي للعديد من الضغوطات، وكان طلبنا القشَّة التي قصمت ظهر البعير، لذا علينا التخفيف بدلًا من الهجوم، فنحن قد نشعر بالغيظ من شخص ما ليس لمجرد أنه يفعل خطأ ما، بل لأنه يذكِّر بعادة سيئة أو بأشخاص لا نرغب بتذكُّرهم أو العجز عن فعل هذا الأمر، ولكن هذا لا يعطينا الحق بالسماح لمشاعر الغضب والغيظ أن تتحكَّم فينا، بل ينبغي أن نتحكَّم فيها، وأن نُدرك أن هذه المشاعر تُرهِقنا ولا تغيِّر من الوضع، بل يبقى كما هو عليه، لذا إذا انفعلنا أو أخطأنا علينا أن نعتذر دون تبرير.
الفكرة من كتاب لا تقع فريسة لزلَّة لسانك: هكذا تصبح سريع البديهة وأكثر نجاحًا
تتعرَّض لمضايقات ممَّن حولك وتعجز عن الرد، أو يقوم أحدهم بسرد جملة فكاهية ولا تستطيع التفاعل سوى بالابتسام، وبعد مرور الموقف بساعات يجول في خاطرك الرد المثالي، ولكن ما الجدوى من ذلك، هل سنعود بآلة الزمن إلى الماضي أم سنقوم بالرد بعد مرور الموقف؟ لا يتبقَّى لنا سوى الإحساس بالحسرة.
ينعقد اللسان لأن العقل يدخل في حالة من الصدمة والضغط النفسي لأنه يكون غير مُبرمج على الهجوم والهروب، وتظلُّ الأفكار تائهة، وذلك بسبب عدم وجود موهبة تسمَّى سرعة البديهة، ولهذه الموهبة نوعان: نوع خاص بالدفاع عن النفس ضد الهجوم اللفظي، والنوع الآخر خاص بإبداء جمل فكاهية عفوية انطلاقًا من الموقف، وتم تناول كليهما خلال هذا الكتاب، سنتعلَّم من خلال هذا الكتاب فنون وأساليب سرعة البديهة التي ستحول دون الوقوع في حالة الصدمة التي تشتِّت عقولنا وتعقد ألسنتنا.
مؤلف كتاب لا تقع فريسة لزلَّة لسانك: هكذا تصبح سريع البديهة وأكثر نجاحًا
ماتياس پوم: مؤلف ألماني، وُلِد عام ١٩٦٠ بمدينة لوهر إم ماين، بولاية بافاريا، وحصل على درجة علمية في هندسة الاتصالات، وقد حضر دورات في ممارسة الخطابة بعد تجربة عفوية مرَّ بها ليبدأ بعد ذلك العمل لحسابه الخاص كمدرِّب عام ١٩٩٧، له عدَّة مؤلفات، منها:
Schlagfertig auf dem Schulhof. Wie man Großmäulern clever Paroli bietet
Vergessen Sie alles über Rhetorik
معلومات عن المترجم:
الدكتور إلياس حاجوج: باحث ومُترجم سوري، قام بترجمة عدَّة أعمال، ومنها:
أبناء بروميثيوس: تاريخ البشرية قبل اختراع الكتابة.
الشفاء بالتغذية: أكل أفضل.. صيام سهل.. حياة أطول.
لصة الفاكهة.