ظواهر في النفس
ظواهر في النفس
النفس عالم عميق مليء بالظواهر الغريبة والاكتشافات العظيمة، وألطف تلك الاكتشافات هو “الخلايا المخ المرآتية”، وتلك الخلايا تجعل كلًّا منا يشعر بالآخر، وتجعل بيننا تناغمًا وانسجامًا، وكلما زاد إحساسك بالآخر كان ذلك مؤشِّرًا على زيادة تلك الخلايا لديك، وهذا قد يسبِّب أزمة عند البعض لأنه قد يصبح أكثر عرضة للصدمات والألم في علاقته بالآخر، مثل أن تتألَّم لأجل حزن غيرك أكثر من اللازم، ولكن لا تجعل هذه أزمة نفسية لديك لأن الأمر فيه شيء من الإيجابية، وهي أنك تكون أيضًا أقرب إلى جانب الجمال والسعادة داخل الآخر، لهذا مرضى التوحُّد لديهم عدد أقل من الخلايا المرآتية لأنهم لا يستطيعون التواصل مع الآخر.
وإليك ظاهرة أخرى عجيبة، وهي معاقبة النفس لصاحبها، لأن داخل كل شخص منَّا عينًا ترى كل تصرُّفاته وتسجِّلها وأنت لا تشعر بممارسة تلك العملية بداخلك، وفجأة ومن دون مقدِّمات يقرِّر العقل أن يقف وقفة صارمة وحازمة مع صاحبه يحاسبه فيها على ما مضى، وهي ما قد نطلق عليه “القيامة النفسية”، وقد يكون نتيجة هذا الحساب مكافأة أو عقابًا، فبعض الناس يأتي عقابهم على صورة مرض فيتعرَّضون للخيانة من قواهم الجسدية، ويتحوَّل جهازهم المناعي إلى عدوِّهم ويصابون بالأمراض، والبعض الآخر يصاب بحالة نفسية من الإحساس بالذنب، ويظهر هذا أحيانًا على صورة اكتئاب، وقد يحدث العكس وتهرب النفس من الإحساس بالذنب، وكل هذا يحدث بشكل غير واعٍ من النفس، وهذه الظاهرة ليست قاعدة يسير عليها الجميع، ولا تمنع من حساب الله وعقابه لنا في الدنيا والآخرة، وأيضًا هذا لا يعني أنه ليس هناك مصائب وأمراض عضوية وابتلاءات، والأمراض العضوية والنفسية تحدث للجميع حتى الأطفال، كل ما في الأمر أنه عليك تؤمن بوجود هذا الجزء بداخلك.
الفكرة من كتاب لأ بطعم الفلامينكو
نعيش في حياة مليئة بالصخب والمشتِّتات حتى أصبحنا ننساق وراء التيار، ونسينا أن نسأل أنفسنا: هل هذا الطريق يناسبنا حقًّا أم لا؟ عذرًا؛ كيف نسأل أنفسنا ونحن لم نعد نسمع صوتها من صخب مواقع التواصل الاجتماعي والضغوط التي تمارسها علينا والنصوص التي لطالما كنا مقيَّدين بها.
فتحرير النفس ليس بالشيء السهل، فللنفس ألغاز وألاعيب تمارسها أحيانًا على صاحبها، ومعًا في هذا الكتاب ستتعلَّم كيفية فكِّ شفرة النفس وفهم احتياجاتها، والتعامل مع الآخر دون التأثير بالسلب فيه أو فيك، وكيف تحافظ على نقائك من شوائب الماضي والمجتمع، وأيضًا يعلمنا الكاتب أن نقول “لا ” بقوة، لنحمي أنفسنا ولا نخسر الآخرين.
مؤلف كتاب لأ بطعم الفلامينكو
محمد طه: طبيب نفسي مصري، وكاتب مشهور حاصل على الماجستير والدكتوراه في الطب النفسي، وحاصل على الزمالة في الطب النفسي من الكلية الملكية البريطانية، وله العديد من المؤلفات منها: “الخروج عن النص”، و”علاقات خطرة”، و”ذكر شرقي منقرض” .