رحلة داخل عقلك
رحلة داخل عقلك
يتكوَّن وعي الإنسان من سبع طبقات، فدعنا نأخذ جوله فيها، فعندما ترى الأشياء أمامك أو تسمع الصوت أو تشعر بالشيء حينها أهلًا بك في طبقة “الوعي الظاهر”، وهذه الطبقة أكثر الطبقات سطحية، أما الطبقة الثانية فهي طبقة “العقل الباطن للإنسان”، وهذا المستوى أشبه بالصندوق الذي يحوي بداخله جميع ذكريات الماضي ودوافعنا ورغباتنا الخفية، ولا يمكن للعقل أن يكون في هذه الطبقة طوال الوقت، ولكن من حين إلى آخر يفتح هذا الصندوق، ويظهر أحيانًا في الأحلام أو في بعض الألفاظ، وإليك بالطبقة الثالثة من طبقات وعيك، وهي طبقة “وعي الحمل والولادة”، وهذا الجزء يحمل ذكريات في الرحم حين كنت جنينًا، أما الطبقة الرابعة فهي أكثر عمقًا من سابقيها، وهي طبقة “اللاوعي المشترك”، وهذا المستوى يكون عقلك مفتوحًا فيه على مستوى عقل شخص آخر يتشارك معك الأحداث والذكريات كالزوجة والأصدقاء، بل يكون الأمر أكثر إثارة حين تجد أن هناك طبقة بداخلك تتشاركها مع المجتمع، وهي طبقة “اللاوعي المجتمعي”، وهذه الطبقة تحمل تاريخ بلادك في الحروب والانتصارات والهزائم ومدى أثر هذا فيك وفي المجتمع.
الآن دعنا نخضع لاختبار صغير، وهو أن تغمض عينيك، وأخبرني ما الذي جاء في خاطرك حين أقول ملاكًا أو شيطانًا؟ غالبًا عند الملاك تخيَّلت شيئًا من النور ناصع البياض، وعند الشيطان تخيَّلت منظرًا قبيحًا له أنياب، وهذا المخزون من التصوُّر يشترك فيه الجميع في الطبقة السادسة، وهي طبقة “اللاوعي الجمعي”، والتي تتشارك فيها مع الناس من شتى بقاع الأرض، تجد أن فيها كثيرًا من الأمور والمخاوف المشتركة.
وأما عن آخر تلك الطبقات وأكثرها عمقًا.. طبقة تتجاوز الخيال والحدود والوقت والحواجز، وهي “حالة الوعي الكامل”، وهذا المستوى يحدث بشكل تلقائي، ويكون الوعي في أنشط حالاته.
الفكرة من كتاب لأ بطعم الفلامينكو
نعيش في حياة مليئة بالصخب والمشتِّتات حتى أصبحنا ننساق وراء التيار، ونسينا أن نسأل أنفسنا: هل هذا الطريق يناسبنا حقًّا أم لا؟ عذرًا؛ كيف نسأل أنفسنا ونحن لم نعد نسمع صوتها من صخب مواقع التواصل الاجتماعي والضغوط التي تمارسها علينا والنصوص التي لطالما كنا مقيَّدين بها.
فتحرير النفس ليس بالشيء السهل، فللنفس ألغاز وألاعيب تمارسها أحيانًا على صاحبها، ومعًا في هذا الكتاب ستتعلَّم كيفية فكِّ شفرة النفس وفهم احتياجاتها، والتعامل مع الآخر دون التأثير بالسلب فيه أو فيك، وكيف تحافظ على نقائك من شوائب الماضي والمجتمع، وأيضًا يعلمنا الكاتب أن نقول “لا ” بقوة، لنحمي أنفسنا ولا نخسر الآخرين.
مؤلف كتاب لأ بطعم الفلامينكو
محمد طه: طبيب نفسي مصري، وكاتب مشهور حاصل على الماجستير والدكتوراه في الطب النفسي، وحاصل على الزمالة في الطب النفسي من الكلية الملكية البريطانية، وله العديد من المؤلفات منها: “الخروج عن النص”، و”علاقات خطرة”، و”ذكر شرقي منقرض” .