كمَالاتِه (صلى الله عليه وسلَّم)
كمَالاتِه (صلى الله عليه وسلَّم)
لمُعلِّم الخير الأول كمالاتٍ ضُمَّت في شخصيته (صلى الله عليه وسلم) قال لها (عزَّ وجلَّ) أن تكون في ذاتِه الشريفة (صلى الله عليه وسلم)، فأصبحت بذلك منبعًا لكمال الاقتداء من ذكَاءٍ وفطنة وحِكمة وحَنان، ولقد أكثر (صلى الله عليه وسلم) من الاستعاذة من العلم الذي لا ينفع، وقد يكون الأمر مستغربًا في الجمع بين العلم وعدم النفع إلا إذا مرَّ هذا العلم على ميزان الشريعة فيُضبط على أثرها وجهة العلم، ومن آثار سيرته العطِرة (صلى الله عليه وسلم) التي بيَّنت جوانب هذا المعلِّم (صلى الله عليه وسلَّم) وهذهِ النفس المُهيَّأة تهيؤًا تامًّا فكان (صلى الله عليه وسلم) رحيمًا بالمتعلمين رؤوفًا بحالهم يجمع بين الحكمة والرحمة بلا امتهانٍ ولا رهبة، أمَّا كلامه فقد خلا من السرد، وقد أوتيَ فيه جوامع الكلِم، وكان من عاداتهِ (صلى الله عليه وسلم) تكرار بيانِهِ ثلاثًا، ولا يتكلم إلَّا بحاجة تُرجى، أو ما كان عليه أجر أخروي، ولا يُجافي مخاطبًا أو يهينهُ، وكان (صلى الله عليه وسلَّم) كثير الحمدِ متتبِّعًا للنعم، لا تغضبُه الدنيا ولا ما كان لها، وكان (صلى الله عليه وسلم) دائم البِشر سهلًا ليِّنًا كثير التغافل والإعراض عن الهفوات، وما ردَّ (صلى الله عليه وسلم) صاحب حاجة، وكان حسَن الاهتمام بحالهم والاستماع لحديثهم لا يقطع حديث أحدٍ إلَّا من أتى بظُلم، فإما أن ينهاهُ أو يقوم من مجلسه، وكان (صلى الله عليه وسلَّم) متواضعًا مع سائله لحاجةٍ أو عِلم، والمستفيد منه، ومن قيَّد ضيق عقله عن الفهم مراعيًا لاختلافات أحوال السائلين وأفهامهم.
كل هذهِ السمات اجتمعت لتكون شخصيَّة معلِّم لا يشوبها نقص أو لغط، وجُمِعَت فيها الرحمة بالحزم وصدق التبليغ وحسن التعليم.
الفكرة من كتاب الرسول المعلم وأساليبه في التعليم
هذا الكتاب إسهاب لمحاضرةٍ أُلقيت في كلية الشريعة وكلية اللغة العربية بالرياض بالمملكة العربية السعوديَّة، ونتج عنها كتاب باسم “الرسول المعلم وأساليبه في التعليم”، وهو وصف وتفنيد للفكرة المعنيَّة، أي كيف كان الرسول (صلى الله عليه وسلم) معلمًا في قوله وفعله، وحتى في صمتهِ، على هيئة أحاديث وآثار من حياة الرسول (صلى الله عليه وسلم) منتقاة من الكتب الستة، واحتوى في طيَّاته الكثير من الأفكار التي تصلح أن تكون منارةً لكل مُعلِّم في إبانةٍ وتفصيل.
أما عن سبب التأليف فهو لصلة هذا الموضوع بالعلم والعلماء والتعلم والمتعلمين، وقد خرج هذا الكتاب إلى النور متأخرًا بسبب انتظار الكمال وتمام العِلم، وهذا مما لا يكون.
مؤلف كتاب الرسول المعلم وأساليبه في التعليم
عبد الفتَّاح بن محمَّد بن بشير أبو غدَّة: سوري من مواليد حلب عام 1917م، درس في كلية الشريعة جامعة الأزهر بمصر، كما درس تخصُّص أصول التدريس في كلية اللغة العربية بجامعة الأزهر، وعمل مدرسًا في جامعة الإمام محمَّد بن سعود في السعوديَّة، وله أكثر من سبعين مؤلفًا أكثرها يدور في فلك أصول الحديث منها: “من أدب الإسلام”، و”صفحات من صبر العلماء على شدائد العلم والتحصيل”، وتوفي عام 1997م عن عمر يناهز الثمانين.