التحكم
في الخطوات الثلاث الأولى، ذكرنا أن العواطف لها تأثير في قراراتنا، وسنتعلم في الخطوة التاسعة كيفية التحكم فيها، وهنا ذكرنا تحكُّمًا وليس كبحًا، لأننا بشر ولسنا روبوتات، فمن الطبيعي أن تؤثر عواطفنا بشكل بسيط في قراراتنا، فمشاعر مثل التوتر والخوف تجعلنا نتعامل بمزيد من الحرص والتركيز، لكن أحيانًا يزداد تأثير المشاعر وتؤثر في قراراتنا بالسلب، لذا ينبغي قبل اتخاذ القرار أن ننتظر لبُرهة ونقوم بتسجيل مشاعرنا، فهذا سوف يقلِّل من سطوتها ويجعلنا نُفكِّر بشكل أكثر عقلانية، وإذا لزم الأمر فعلينا تأجيل القرار أو المهمة لوقت آخر نصبح فيه أفضل بالأخص إذا كنا نشعر بالغضب، وفي حالة الشعور بالتوتر، من الممكن أن نُخفِّف منه عن طريق تمارين التأمل، والمشي في الهواء الطلق، والمحاولة للتعامل مع المشتِّتات، حيث يمكن تفويض بعض القرارات غير المهمة لأشخاص آخرين، وفصل الهواتف لفترة من الزمن للتفكير، ومن المهم أيضًا أن نهتم لمشاعرنا الغريزية كالجوع والعطش والحاجة إلى النوم، حيث أثبتت الدراسات أن انخفاض مُعدل السكر يزيد من الاندفاع عند اتخاذ القرارات، كما أن هناك دراسة أخرى أثبتت أن قلة النوم تعمل على فصل المراكز المسؤولة عن تقييم المخاطر، وتزيد من نشاط المراكز المسؤولة عن تقييم النجاح، وهذا الأمر خطير.
إلى جانب التحكُّم في عواطفنا علينا أيضًا كبح ميلنا بالانجذاب والتقرُّب من الأشخاص الذين يشبهوننا ورفض الآراء المعارضة، وهذا هو هدف الخطوة العاشرة، فالاستماع للآراء المُؤيدة لآرائنا طوال الوقت لا تُساعدنا على التقدم أبدًا، وتجعلنا نعتمد على مصادر محدودة للمعلومات، فالبيئة التي تشمل آراء مختلفة هي بيئة خصبة للمعلومات المتنوِّعة، لذا علينا أن نحيط أنفسنا بأشخاص مختلفين في العمر والعرق والجنس والرغبات، وألا نعتبر آراءهم المختلفة هجومًا، وأن نقابلها بإيماءات وكلمات تُفيد بأننا نُرحِّب بتلك الآراء، وإذا كنا في اجتماع فعلينا أن نسأل الأشخاص الصامتين عن رأيهم لأن غالبًا لديهم آراء مُعارضة، وفي أثناء المقابلات الشخصية علينا ألا نختار الأشخاص لمجرد أن لديهم القدرة على أداء المهام، بل لحصولهم على خبرات تختلف عن خبراتنا.
الفكرة من كتاب كن متيقِّظًا: كيف تتخذ قرارات ذكية في عالم مُربك
عشرة آلاف قرار يتم اتخاذها يوميًّا، بعض هذه القرارات تتعلَّق بأمور بسيطة كالطعام، والبعض الآخر يتعلَّق بأمور مصيرية مثل الصحة والمال والعمل، وهناك قرارات أخرى قد تؤثر في أشخاص آخرين مثل الوالدين، أو الأبناء، أو الذين يعملون تحت إشرافنا، أو من نتحمل مسؤولية اتخاذ القرار بالنيابة عنهم، وفي حالة إساءة اتخاذ قرارات متعلِّقة بأمور مصيرية تخصُّ حياتنا أو حياة الآخرين، تُصبح العواقب وخيمة، وتأثيرها قد يدوم لشهور أو لسنين تالية، وبالتغيُّر السريع الذي نشهده في عالمنا، أصبحت عملية اتخاذ القرارات تُمثِّل لنا تحدِّيًا كبيرًا، لكن باستخدام الخطوات العشر التي ذُكرت في هذا الكتاب سوف نتمكَّن من اتخاذ القرارات المصيرية بشكل أفضل.
مؤلف كتاب كن متيقِّظًا: كيف تتخذ قرارات ذكية في عالم مُربك
نورينا هيرتز: مؤلِّفة، ومُذيعة، وأستاذة جامعية وخبيرة اقتصادية، ولدت في عام 1967 بمدينة لندن، بإنجلترا، وحصلت على درجة البكالوريوس في الفلسفة والاقتصاد من كلية لندن الجامعية، وعلى درجة الماجستير في إدارة الأعمال من مدرسة وارتون، بفيلادلفيا، ثم على درجة الدكتوراه في الاقتصاد والأعمال من كينجز كوليدج، بكامبريدج، ولها عدَّة مؤلفات منها:
The Debt Threat: How Debt Is Destroying the Developing World
The Silent Takeover