سياسة محمد علي الخارجية
سياسة محمد علي الخارجية
مثل الهدف الأكبر لمحمد علي تعزيز استقلالية مصر العسكرية والسياسية وتوارث ملكيتها لذريته والقضاء على جميع تهديدات ذلك داخليًّا وخارجيًّا، حاول إرضاء السلطان فأرسل الجيش إلى الحجاز للقضاء على الوهابيين، كما شارك في إخماد تمرد اليونان مقابل الحصول على جزيرة كريد، لكن مطامع الوالي كانت أكبر من ذلك.
كان قلق بريطانيا وفرنسا يتصاعد كلما ازداد جيش مصر قوة واتسع نفوذ الوالي، فتدخلت الأساط
يل الأوروبية لتدمير الأسطول المصري في معركة نافارين، وعقدت معاهدة أدرنة عام 1829م لتضمن استقلال اليونان مع تبعيتها للدولة العثمانية ظاهريًّا.
رفض محمد علي التخلي عن الشام والحجاز، وهزم الجيش العثماني عدة مرات حتى وصل إلى آسيا الصغرى وبات على مشارف الأستانة، لجأ الباب العالي إلى روسيا، وعقد معها معاهدة هنيكار سكلسي التي وضعت مسؤولية حماية الباب العالي وضمان بقائه على عاتق روسيا، مقابل إغلاق العثمانيين المضائق ضد أعداء روسيا في حالة الحرب.
واتحدت الدول الكبرى الخمسة في حملة عسكرية على الشام لكسر شوكة محمد علي، مما أسفر عن معاهدة لندرة بشروط مجحفة، عمل محمد علي على تحسينها دبلوماسيًّا.
وأخيرًا أصدر الباب العالي فرمان الخط الشريف، جعل فيه مصر ولاية وراثية لذرية محمد علي، مقابل تقليل حجم الجيش وعدم إنشاء السفن، وكان ذلك بداية استقلال حقيقي لمصر.
الفكرة من كتاب تاريخ مصر الحديث: من محمد علي إلى اليوم
التاريخ ليس مجرد نقل للأحداث، بل هو فن الوصول إلى الحقيقة، عن طريق وسائل يتبعها مؤرخ ذو عبقرية فذة وبصيرة ثاقبة، يتتبع الخطوط حتى يصل إلى رسم المشهد الكامل، مبرزًا الأحداث المؤثرة ومحللًا لأسبابها ومعددًا لنتائجها دون الغرق في تفاصيل كثيرة هامشية لا صلة لها بالحدث، ولأن مصر من الدول القليلة التي تتابعت عليها الأحداث الجلل بصورة مكثفة في فترات زمنية قصيرة، احتل تاريخها القديم والحديث أولوية اهتمام المؤرخين.
مؤلف كتاب تاريخ مصر الحديث: من محمد علي إلى اليوم
محمد صبري: ولد الدكتور بالقليوبية في عام 1894م، وتنقل بسبب عمل والده مفتشًا بين القرى الزراعية، ونشأ محبًّا للأدب والشعر، لدرجة تأخر حصوله على شهادة الثانوية بسبب اهتمامه بالقراءة وكتابة الشعر، احتك فيها بأدباء وشعراء عصره كالمنفلوطي وحافظ إبراهيم، سافر لدراسة التاريخ الحديث في جامعة السوربون، وحصل فيها على الدكتوراه عام 1924م.
عينه سعد زغلول سكرتيرًا ومترجمًا للوفد المصري بمؤتمر السلام لبراعته باللغات الأجنبية، كان همه الأول الكتابة عن تاريخ مصر الحديث لإبراز هويتها القومية، فهدف لكتابة أربعة مجلدات عن التاريخ الحديث لمصر، نجح في إخراج جزأين فقط، ثم انشغل بعدة أدوار معرفية وأدبية أخرى، ولكن لم يوقفه ذلك عن اهتمامه بالأدب، فأصدر سلسلة أدبية “الشوامخ ” عن شعراء ما قبل الإسلام.
توفي في عام 1978م بعدما عانى من عدة مشكلات أسرية ومالية، وسط تجاهل كبير لما قدمه في خدمة بلاده.