التعدي على الحرمات
التعدي على الحرمات
في حديثه عن حرمة الحياة الشخصية استعان الكاتب بأكثر من حديث يدور حول السياق ذاته، وهو استحقاق أن تُفقأ عين من اطلع في بيت قومٍ بغير إذن وما عليهم حينئذ من جناحٍ لو فقؤوا عينه، في المقابل يذكر الكاتب ما يحدث اليوم في العالم الإسلامي من اقتحام الناس الأعداء منهم والأصدقاء حياة المرء وبيته دون استئذانه، وتصرف السلطة في البيوت تصرف المالك في بيته.
هنا يبدي الكاتب تعجبه من ترك المسلمين لمثل هذه الأحاديث الصحاح، فلا يقتبسون منها التشريعات التي تكفل الحماية للحياة الشخصية للإنسان، بينما تحيط القوانين الغربية حياة الأفراد الشخصية بسياج منيع، حتى إن مخالفة هذه القوانين قد تؤدي إلى إفلات المتهم من العقوبة وإن كان مذنبًا، لأن التصرفات الباطلة تفسد كل ما يتبعها من تصرفات. كذلك، تضمن هذه القوانين الغربية الحق للمواطن في اللجوء إلى القضاء لحماية حياته الشخصية من الاعتداء عليها، أما بالنسبة إلى الدولة فإن أى تنصت أو تلصص لا يمكن أن يتم إلا في الضرورة القصوى وبإذن من جهات مختصة.
على العكس، فإن التنصت في العالم الإسلامي لم يعد حكرًا على الجهات المختصة بل أصبح متاحًا بيسرحتى للهواة، فأصبح العالم الإسلامي يعج بجماعات تقتحم الأبواب وتدخل البيوت عنوة، بدعوى منع الرذيلة أو الدفاع عن الفضيلة دون عتاب. لذلك يكرر غازي القصيبي إيمانه بأن الصحوة الإسلامية لا تتحقق بحفظ النصوص، بل تتحقق بتحويلها إلى جزء حي نابض من حياة المسلم كل يوم.
الفكرة من كتاب ثورة في السنة النبوية
الثورة هي التغيير الشامل الكامل لوضع ما، والثورة التي يتحدث عنها هذا الكتاب هي ثورة على الأوضاع الجاهلية المتخلفة التي ما زالت موجودة في عدد من الميادين الرئيسة في بعض الدول الإسلامية أو معظمها. في هذا السياق يستعين الكاتب بنصوص كلها من الأحاديث الصحاح بالإجماع مأخوذة من كتاب “جامع الأصول في أحاديث الرسول” لكاتبه الإمام الجزري، ليفتح المجال أمام الباحثين لإقناع المسلمين الراغبين في الإصلاح بقلوبهم لا بألسنتهم، أن في دينهم ما يغنيهم عن استيراد الإصلاح من الخارج إذا انتهت الانتقائية الانتهازية التي يمارس بها المسلمون دينهم.
مؤلف كتاب ثورة في السنة النبوية
غازي عبد الرحمن القصيبي، من مواليد الإحساء بالمملكة العربية السعودية عام 1940م، درس الحقوق بجامعة القاهرة ثم التحق بالدراسات العليا في لوس أنجلوس متخصصًا في العلاقات الدولية. ثم حصل على الدكتوراه في جامعة لندن كلية university college.
عمل مدرسًا مساعدًا ومستشارًا لبعض الجهات الحكومية، ثم تولى الكاتب مناصب إدارية متعددة كعميد لكلية التجارة بجامعة الملك سعود ورئيس لهيئة السكة الحديد قبل أن يصبح وزيرًا للصناعة والكهرباء ومن ثم وزيرًا للصحة. تخللت مهامه الوزارية فترة من العمل سفيرًا للمملكة بالبحرين ثم في المملكة المتحدة قبل أن يعود إلى الوزارة مرة أخرى وزيرًا للمياه و الكهرباء ثم أخيرًا وزيرًا للعمل.
توفي غازي القصيبي في عام 2010 تاركًا عددًا من مؤلفات الشعر والأدب، أشهرها رواية “شقة الحرية”، وعددًا من الكتب منها: “كتاب حياة في الإدارة”، وكتاب “التنمية وجهًا لوجه”، أما عن الأعمال الشعرية فمنها قصيدة “رسالة المتنبي إلى سيف الدولة” و قصيدة “القلم تم بيعه وشراؤه”.