العِلم الزائف والمشكلات الاجتماعية المعقدة
العِلم الزائف والمشكلات الاجتماعية المعقدة
في عام 2007 نُشرت تجربة كبيرة في دورية “بريتش ميديكال جورنال” تمَّت تحت إشراف علماء تلقَّوا تمويلًا حكوميًّا، وقد أسفرت عن نتيجة إيجابية مُدهشة، فقد أظهرت أن أحد العلاجات قد يُفضي إلى تحسُّن هائل في سلوك الأطفال العدواني، وكانت التجربة آمنة تمامًا، لكن تجاهلت جميع وسائل الإعلام البريطانية هذه التجربة بالإجماع، لسبب واحد؛ أن التجربة لم تكن تدور حول استخدام قُرص، بل كانت تدور حول برنامج تربوي عملي، غير مُكلِّف! بينما لا تزال نفس وسائل الإعلام تحاول إقناعنا (من خلال العِلم) بأنَّ أقراص زيت السمك تُحسِّن أداء الأطفال في المدرسة، إذ تجعلهم -كما تزعم- أكثر حذقًا وأفضل سلوكًا، على الرغم من أنه لا يُمكن لأحدٍ أن يعرف هل بالفعل تقوم أقراص زيت السمك بذلك أم لا؟ لأنه إذ قسَّمت مجموعة من الأطفال إلى نصفين، وأعطيت كبسولة علاج وهمي لإحدى المجموعتين، وكبسولة زيت السمك للمجموعة الأخرى، كما حدث في التجربة، فمن المتوقَّع أن يتحسَّن معدل ذكاء وسلوك الأطفال بوعي أو من دون وعي، كما سيتوقَّع ذلك آباؤهم ومدرِّسوهم، لأن الأطفال حسَّاسون بدرجة مدهشة تجاه توقُّعاتنا منهم.
وبناءً على ذلك فمعرفة الأطفال أنهم يتلقُّون هذه الأقراص لتحسين أدائهم وسلوكهم، فإنهم يكونون معرَّضين لأثر العلاج الوهمي، نظرًا إلى العلاقة العلمية الحقيقية التي تربط الجسد بالعقل، كما أن مهارات الأطفال تتحسَّن بمرور الوقت تبعًا لنموِّهم العقلي، فربما يكون التحسُّن الذي شُوهِد راجعًا إلى النمو الطبيعي للطفل، إضافةً إلى ذلك فإنَّ الأطفال سيبلون بلاءً أفضل فقط نتيجة وجودهم في مجموعة خاصة تجري دراستها وملاحظتها، إذ إن من المعلوم أن المرء الذي يكون محل تجربة يُحسِّن من أدائه، ويُطلِق على هذه الظاهرة اسم (تأثير هاوثورن)، ففي مصنع هاوثورن أراد مجموعة من الباحثين زيادة الأداء والإنتاج للعاملين في المصنع، فقاموا بزيادة مستويات الإضاءة، فكانت النتيجة أن الأداء تحسَّن، لكن عندما خفَّضوا من مستويات الإضاءة، كانت النتيجة تحسُّن الإنتاج، ومن ثمَّ وجدوا أن الإنتاجية تزيد على أي حال، فأدركوا أن مُجرَّد معرفة العُمَّال أنهم جزء من دراسة خاصة، هو ما أدَّى إلى تحُّسن الإنتاج، مما يُعدُّ نوعًا من تأثير العلاج الوهمي الذي ليس له علاقة بالإضاءة.
إن قصَّة زيت السمك تُعدُّ مثالًا كلاسيكيًّا لظاهرة “التطبيب”، أي بسط نطاق العِلم الحيوي إلى مجالات ربما لا يكون مفيدًا أو ضروريًّا الاستعانة فيها بمجال الطب الحيوي، وأكثر وصف عدواني يوصف به التطبيب أنه يُعدُّ إتجارًا بالمرض!
الفكرة من كتاب العلم الزائف
يعرض الكاتب مجموعة من الأمور العبثية والتافهة التي تتلبَّس بلباس العِلم بسبب المصداقية التي تمنحها لها وسائل الإعلام، خصوصًا فيما يتعلَّق بالأخبار الطبية، لأنها نصف الأخبار العلمية المتداولة إجمالًا في وسائل الإعلام.
مؤلف كتاب العلم الزائف
بن جولديكر: هو طبيب بريطاني، وكاتب، ومذيع، درس الطب في كلية “مودلين” بجامعة أكسفورد، ويعمل حاليًّا في هيئة الخدمات الصحية والوطنية في المملكة المتحدة، ومن مؤلفاته:
شرور شركات الأدوية.
العِلم الزائف.
معلومات عن المترجم:
محمد سعد طنطاوي: هو مترجم مصري، مارس تدريس اللغة الإنجليزية لسنوات عدَّة في هيئات ومؤسَّسات وشركات، حكومية وغير حكومية، مارس مهنة الترجمة شفاهة وكتابة في عدد من الهيئات والمؤسسات والشركات، في الوقت الحالي يقوم بتدريس اللغة الإنجليزية في مجال الأعمال والمحادثات العامة، من ترجماته:
التفكير السريع والبطيء.
التاريخ الاقتصادي العالمي.
عد تنازلي: تاريخ رحلات الفضاء.
نظرية الفوضى مقدمة قصيرة.
حقوق الحيوان مقدِّمة قصيرة.