أوَّلُ الخيط
أوَّلُ الخيط
تبدأ القصة في حياة الطفل من والديه، فيُمثِّلان اللبنة الأولى للغة عند الطفل، وبمختلف مراحل النمو يبسِّط الأبوان اللغة في سبيل تسهيل التواصل والمعرفة، هذا التبسيط يكون دمجًا بين: اللغة البسيطة، وأيضًا الأسئلة المشجِّعة على استخدام تلك اللغة، وتكون هذه الأسئلة عادةً في صورة يوميَّات الطفل، وتعدُّ هذه الأسئلة دافعًا للمراحل المتقدِّمة من صقل اللغة الخاصة بالطفل.
لقد تم التعامل مع الأطفال لفترة طويلة على أنهم كائنات آنيَّة، لا يتذكَّرون، أو يعنون سوى لحظتهم الحالية؛ فلا مجال لحديثهم عن الماضي والتجارب الشخصية، لكن فيما بعد تم اكتشاف قدرة الأطفال على نقل تجاربهم الشخصية، حتى وإن شابها بعض الخيال، وللوالدين دور كبير في تنمية قدرة الطفل على استدعاء الذكريات ومشاهداته الخاصة، وذلك عبر حديثهم عن الماضي معه، ومشاركتهم إيَّاه في نوعٍ من أنواع الفصل في ذهنه بين ما هو حاضرٌ الآن، وما قد مضى، وقد تم استنتاج نظرية من أثر هذه التنمية اللغوية، أن حكي القصص بشكل تفاعلي يعزِّز من الذاكرة الاجتماعية لدى الطفل، ويكون الشخص المتفاعل بشكلٍ أو بآخر مسؤولًا عن صياغة المحادثة، والحفاظ على السياق، وتوضيح الرؤية، ويكون الأطفال بحاجة في بعض الأحيان إلى الإمساك بخيط القصة من طرفٍ آخر، حتى يمكنهم الاستطراد واستدعاء الذكريات، وتزيد قدرة الأطفال تدريجيًّا حسب نموهم في إضافة وجهة نظرهم لقصصهم التي تحكي عن تجاربهم الماضية داخل الطريقة المشتركة المتبادلة بين الطفل والمستمع، وأيضًا تقل حاجتهم إلى الحث على الحديث، ووضع أُطر القصة من قِبل شخصٍ آخر.
بناءً على هذه الملاحظات، وارتباطًا بها، وضع العالم السوفييتي ليف فيجوتسكي فرضية “منطقة التطوُّر الأدنى”، وهي عبارة عن المستوى الفاصل بين قدرة الطفل المعرفية النابعة من ذاته دون مساعدة، وبين المستوى الآخر الذي يعتمد فيه الطفل بشكل كبير على تعليمات شخصٍ بالغ، أو أحد أقرانه الأكثر مهارةً منه، وهي تؤكِّد أهمية استحضار الطفل لتجاربه الخاصة ومشاركتها أيضًا في الإطار المجتمعي.
إن الناتج من هذا الجهد المبذول حول الالتفات إلى قصص الأطفال، وطرق تنميتها، هو الحصول فيما بعد على شخصٍ يمكنك التحدث معه؛ فهم ببساطة مخلوقات شديدة النقاء يمكنهم استقبال كل شيءٍ بشكلٍ عفوي دون مراحل التكرير والاستنباط؛ فيحتاجون إلى تعلُّم متى يحكون القصة، وماذا يحكون، وكيف يحكونها، وهنا يكون دورك.
الفكرة من كتاب القصص التي يحكيها الأطفال
هذا الكتاب إبحار في عوالم ومشاعر الأطفال عن طريق اللغة والقصص، واستنباطات عن عالم الأفكار والآثار الاجتماعية في نفوسهم، في وسيلة لحل الألغاز المعرفية لعالمهم، واكتساب وعيٍ عاطفي بذواتهم، وأيضًا تعدُّ تُرجمانًا لعلاقة الطفل بما حوله من المجتمع.
مؤلف كتاب القصص التي يحكيها الأطفال
سوزان أنجل: مُدرِّسة في علوم النفس بجامعة ويليامز، ومؤسسة برنامج ويليامز للتدريس، وأحد مؤسسي مدرسة هاي جراوند The Hayground في مدينة نيويورك، مسؤولة عن الإشراف على التدريس وتطوير المناهج وتقييمها وتقديم المشورة، لها من الكتب “العقل الجائع hungry mind”، وكتاب “الحياة الفكرية للأطفال The Intellectual Lives of Children”.
معلومات عن المُترجِم:
إيزابيل كمال: وهي مترجمة مصرية، عملت في التمثيل، والكتابة، والشعر، وتخرَّجت في كلية الآداب قسم اللغة الإنجليزية، وحصلت على دبلوم في الأدب المقارن.