سيد الصباحات وموحد الطبقات.. الفول كسفير قبطي
سيد الصباحات وموحد الطبقات.. الفول كسفير قبطي
لطالما كان الفول هو السفير الدائم والرمز التاريخي للمطبخ القبطي ببعديه، لأنه يمثل الكثير من مكوناته ويعبر عن طبيعة اختلافاته، فهو طبق مصري فرعوني ووجد ترحيبًا دائمًا في قائمة الطعام المسيحية الحساسة، مع ابنه البار الفلافل طالما كانا الرفيقين الدائمين لأيام الصيام المسيحية الطويلة، سواء كإفطار أو كطبق رئيس، صنع هذا من الفول طبقًا على درجة كبيرة من الانفتاح ومُرحبًا بالكثير من المكونات والعديد من طرق التحضير، وإن كنت مولودًا في أسرة مسيحية ملتزمة بعادات الصوم، فيجب عليك إيجاد طريقة ما لتقريب وجهات النظر مع هذا الطبق، والحقيقة أنك لن تعدم طريقة لذلك.
الفول كحبة أولية عندما تراه لا تستطيع تحديد سبب عشق المصريين له وتفضيله طعامًا يوميًّا، ولكن بعد المرور بعمليات التجهيز والتدميس نجد أمامنا خامًا يتشرّب ويسرق طعم كل ما يوضع عليه، فالحقيقة أنك لا تستطيع الملل من تناوله لأنك في كل مرة تكتشف عمقًا جديدًا ونكهة عبقرية من تلك الحبة العجيبة، وسواء تناولته بأكثر الطرق تقليدية وأكثرها جمالًا في الحقيقة بالتمليح ثم بإضافة الزيت والكمون أم أردت أن تُنحي نكهة الفول قليلًا بإضافة الطحينة أو الطماطم أو نقله إلى طبقة أخرى بإضافة اللحوم مثل البسطرمة والسجق، في الواقع طبق الفول لا يكون بهذا الحماس دائمًا، فإذا أراد طبق ما أن يوجد بهذا التكرار على سفرة طعام مسيحية عليه أن يمتلك القدرة على الظهور بأكثر الطرق مللًا وتقشفًا وقد تمتع الفول بهذه الصفة أيضًا، من دون تتبيل أو أي إضافات يُقدم الطبق كمعجون أولي ربما يصلح لمهام أُخرى بجانب الأكل، هذه الوظيفية والتنوع هي التي جعلت هذا الطبق قادرًا على إرضاء كل هذه الجموع مُضحيًا بأي هوية أو مذاق خاص في سبيل الانتشار وإرضاء الذوق العام
الفكرة من كتاب غذاء للقبطي: دروس من المطبخ القبطي
هنا ننظر بشيء من التفصيل إلى جزء مُهمل بعض الشيء من الشخصية المسيحية، ونتعرف تفاصيل تخص الطعام وأشياء أقل أهمية، فإذا كان الحديث عن التاريخ أو المجتمع المسيحي، قفز المطبخ في الحال إلى المقدمة ممثلًا للشخصية المسيحية وتاريخها، وذلك لأن المطبخ القبطي لا يتوقف عند المأكول والمشروب فقط، ولكنه يحمل أبعادًا أخرى وتراكمات خاصة بتاريخ المصري المسيحي، وطبيعة علاقته مع المجتمع المحيط به في مختلف أمزجته وحالاته.
مؤلف كتاب غذاء للقبطي: دروس من المطبخ القبطي
شارل عقل: كاتب مصري من مواليد الإسكندرية عام 1983 م، تخرج في قسم العمارة بكلية الفنون الجميلة، عمل كاتبًا حرًّا في مجلة “أمكنة” ومجلة “مجاز” ويقيم حاليًّا بالعاصمة الصينية بكين متفرغًا للدراسة والكتابة، من أشهر أعماله:
_ رواية أحمر لارنج.
_ سيناريو فيلم لمبة نيون.
_ الرواية المصورة: قنديل الجو.