خِلاف
استمر محمود شاكر في حفظ الشعر وقراءة الكتب حتى قرأ لسان العرب كاملًا في السنة الأولى من المرحلة الثانوية، ثم قرأ على الشيخ حسين المرصفي والزيات وطه حسين عدة كتب، وكان أيضًا متفوِّقًا في دراسته ويحب الرياضيات حبًّا شديدًا فاختار القسم العلمي لا الأدبي، لكنه بعد شهادة الثانوية قرَّر أن يغيِّر مساره فكان أول من يدخل كلية الآداب من القسم العلمي بفضل أستاذه طه حسين وغيره من الأساتذة الذين عرفوا اشتغاله بالأدب، وكان متفوِّقًا على زملائه في الجامعة، لكنه سرعان ما تركها ورحل إلى الحجاز بعد خلافه مع طه حسين بشأن الشعر الجاهلي.
وقد بدأ ذلك الخلاف حين قال إن الشعر الجاهلي موضوع، وأنه شعر إسلامي وضعه الرواة على ألسنة الجاهليين، وكان هذا من كلام المستشرق مرجليوث، والذي اطلع عليه شاكر عندما كان طالبًا في الثانوية ولم يقتنع بحججه، وقد ضايقه أكثر أن ينسب طه حسين إلى نفسه كلام رجل آخر، وضايقه أن يعرض هذه القضية على طلابٍ معظمهم لا يدرسون اللغة عن حب ولا يعرفون عن الشعر والأدب إلا القليل مما درسوه في مقرَّرات المدارس، والشعر الجاهلي عند محمود شاكر هو أعظم شعر وصل إلى الدنيا من شعر القدماء، وله عنده ارتباط وثيق بقضية إعجاز القرآن، فهو دليلٌ على قدرات البيان عند أصحابه وقدرتهم على التمييز بين أصناف الكلام، وعلى مرونة اللسان العربي، واستجابته الواسعة للبيان الإنساني.
الفكرة من كتاب ظل النديم (أوراق وأسمار شيخ العربية محمود محمد شاكر –رحمه الله- التي لم تنشر من قبل)
محمود محمد شاكر، المعروف أيضًا بأبي فهر وبشيخ العربية، هو أديب وشاعر مصري، عُرف بدفاعه عن العربية وعن التراث العربي الإسلامي، ومع هذا الكتاب نتعرَّف على جانبٍ من سيرته ونشأته الفريدة، ونلقي نظرة على طرفٍ من شخصيته ومواقفه وحاله مع أهله وأصحابه، ونتعرَّف على منهجه الخاص في القراءة ودراسة الأدب.
مؤلف كتاب ظل النديم (أوراق وأسمار شيخ العربية محمود محمد شاكر –رحمه الله- التي لم تنشر من قبل)
وجدان العلي: سيد بن علي عبد المعين، أديب وطالب علم مصري، ولد عام 1979. حصل على ليسانس اللغة العربية من كلية الآداب بجامعة القاهرة، وتتلمذ لعدد من أهل العلم باللغة العربية والحديث والفقه، ولزم بيت محمود شاكر –الذي يحكي عنه في الكتاب الذي بين أيدينا- أكثر من خمس سنوات.
عمل في الأدب والكتابة والتحقيق التراثي والدعوة إلى الله، ونشِطٌ على مواقع التواصل الاجتماعي، وله العديد من البرامج التلفزيونية منها: “نوري”، و”الملأ الأعلى”، ومن كتبه: “صادق بكة”، و”عبودية الكون والكائنات” (بالمشاركة مع مؤيد عبد الفتاح حمدان).