التجربة الدينية
التجربة الدينية
هناك علاقة بين مراحل التطور النفسي وطبيعة التديُّن، فكلما ارتقى الإنسان في مراحل التطور قل تطرُّفه أو ميله إلى التطرف.
في مرحلة إنسان الغاب يرى الإنسان الحياة بثنائية بسيطة، أبيض أو أسود، حق أو باطل، ويريد تحقيق رغباته على وجه السرعة دون مراعاة الآخرين، فيعتبر الدين بالنسبة له وسيلة لإشباع شهواته في الدنيا والآخرة، فلا يهمه إلا المكافآت الحسية وتجنُّب الألم، ومثال على هذه المرحلة المتطرفون والإرهابيون الذين يفكرون في الجزاء الأخروي -من وجهة نظرهم- بغض النظر عمن سيموتون غدرًا.
أما في مرحلة إنسان القبيلة -معظم الناس يعيشون في هذه المرحلة- فيرى الإنسان أن التدين وسيلة للترابط بين أفراد الطائفة، ويتلخَّص التديُّن في الطاعة والالتزام بما اتفقت عليه الجماعة الدينية، ويوفِّر هذا النوع من التديُّن راحة للشخص من قلق التفكير والبحث، ولكنَّ للتدين القبلي مشكلتين: (العقاب الجماعي للأبرياء، والتمييز ورفض المساواة)، والعقاب الجماعي للأبرياء يعني أنه ليس لديه مشكلة في معاقبة أبرياء لمجرد أنهم ينتمون إلى جماعة معينة، أما عن التمييز ورفض المساواة فيعني أنه لديه اعتقاد بعدم تساوي جماعته مع الجماعات الأخرى.
وأما في مرحلة الإنسان المستقل فيصبح الدين تجربة روحية ذاتية، يرتقي أخلاقيًّا فيفعل ما يمليه عليه ضميره الفردي، يفعل الخير لأنه خير، لا لمجرد طاعة الأوامر.
وأخيرًا في مرحلة الإنسان المستنير يرى الإنسان أن من حق الناس أن يختلفوا عنه، وأن يخوضوا تجاربهم الشخصية والروحية، ويكون منفتحًا على الناس يتعلَّم من تجاربهم، ويستمع لهم، ويستمتع برؤية الحياة من وجهة نظرهم، ويريد الخير للبشرية جمعاء لا لنفسه أو لقبيلته فقط.
الفكرة من كتاب إنسان بعد التحديث
جيني وايلي فتاة لم تعِش طفولتها كالأطفال، فقد حبسها والداها طوال أعوام في غرفة دون أن تختلط مع أحد، أو تندمج مع العالم الخارجي، وحيدة تمامًا دون راديو أو تلفزيون أو ألعاب، أو إحساس بجو الأسرة. إلى أن جاء يوم ومرضت أمها وخرقت القاعدة واصطحبت جيني معها إلى المستشفى، فرأى أحد عمال الخدمة الاجتماعية تصرُّفات جيني المريبة، فاتصل بالشرطة وأبلغهم أن هذه الفتاة يحصل لها أمر مريب، فجاء رجال الشرطة وفتشوا البيت وانكشف الأمر وتم القبض على الأبوين.
ما يخصنا في هذه القصة هو أن جيني كانت موضع بحث وتجارب مهمًّا جدًّا لعلماء النفس والاجتماع، فقد وجد العلماء أن هناك مناطق لم تنمُ جيدًا في مخ جيني لعدم تمرين واستعمال هذه المناطق، وكانت تصرفات جيني أنانية وغريبة، فهي لم تعرف معنى المشاركة، وكانت تهتم بالأشياء أكثر من الأشخاص، وهذا ما عاشته حتى أصبح عمرها 13 عامًا، وهنا يثور التساؤل: كيف يتطور الإنسان منذ ولادته؟ قد يكون هناك إنسان أفضل من آخر في شيء ما لأن الظروف والعوامل ساعدته على أن يتطوَّر في هذا الشيء.. وهذا ما سيحدِّثنا الكتاب عنه.
مؤلف كتاب إنسان بعد التحديث
شريف عرفة: هو فنان الكاريكاتير، وكاتب في مجال التنمية الذاتية وعلم النفس الإيجابي.
حاصل على ماجستير علم النفس الإيجابي التطبيقي، وماجستير إدارة الأعمال تخصص إدارة الموارد البشرية، وبكالوريوس طب وجراحة الفم والأسنان.
درس إعداد البرامج التدريبية، وقدَّم عددًا من البرامج التلفزيونية، وحاضَر في العديد من الجامعات والمؤسسات الثقافية والاجتماعية والشركات، كما حصل على عدد من الجوائز وشهادات التقدير لأعماله.
تم ترشيحه لجائزة الصحافة العربية، وفاز بالمركز الأول عالميًّا في مسابقة “مانيسيا ميسير” للكاريكاتير الصحفي.
من مؤلفاته: “أن تكون نفسك”، و”لماذا من حولك أغبياء؟”، و”تخلَّص من عقلك”، وله ملخصات في موقع وتطبيق أخضر، منها هذا الكتاب الذي بين أيدينا، وكتاب “لماذا من حولك أغبياء؟”.