ولكن.. كيف نبصر أصلًا؟
ولكن.. كيف نبصر أصلًا؟
تعدُّ الإجابة على هذا السؤال مشكلة أرَّقت العلماء أنفسهم، فضلًا عن الإجابة المتعلقة بسؤال كيفية رؤية الألوان بشكل خاص، ولا يزال العلماء يبحرون في سبيل الإجابة عن هذا اللغز العجيب، ونجد أنهم في خلال رحلتهم في البحث عن الإجابة ظهرت آراء تقول إن الإبصار يأتي من الداخل إلى الخارج، فتطلق أعيننا انبعاثات تصطدم بالأجسام وتنعكس مرة أخرى إلينا لنتمكَّن من إبصارها، آراء أخرى تقول إننا نبصر من الخارج فتدخل الصور والألوان إلينا ثم تُترجم في أدمغتنا، وبين هذا وذاك ما زال البحث قائمًا، وسنُدنْدِن هنا حول هذا الموضوع.
نستعمل في مصابيحنا أنواعًا مختلفة من الضوء وأطيافًا مختلفة أيضًا ما بين الأبيض والأصفر والأحمر والأزرق إضاءات دافئة وأخرى باردة وكلٌّ حسب ما يفضله، إلا إن هناك إضاءة مؤثرة بشكل إيجابي وأخرى بشكل سلبي بحسب الاستخدام لها، فمثلًا في الأماكن التي تحتاج إلى تركيز يفضَّل أن يكون الضوء غير وهاج أو ساطع بحيث يعمل على تشتيت العناصر من حولك والتركيز على ما بين يديك، على العكس مما هو شائع ودارج من أن الإضاءة القوية والساطعة تساعد على التركيز، فإنها على النقيض من ذلك تتطلَّب مجهودًا أكبر من العين لكي تتم عملية تنظيم دخول كمية مناسبة من الضوء إليها، ما يؤثر في أدائها، بل وعلى الأداء العام للجسد أيضًا فلن تكون العين وحدها هي المتضرِّرة من الإضاءات الساطعة القوية، ولعلَّك قد لاحظت ذلك حينما تنظر إلى ضوء الشمس لمدة طويلة أو عندنا تدخل إلى حفلة أو قاعة مضاءة بشكل كبير.
الفكرة من كتاب الألوان والاستجابات البشرية
لا بد أنه مر عليك يوم وشاهدت فيلمًا بالأبيض والأسود على شاشة التلفاز، ثم راودك سؤال طفولي ساذج: ترى كيف كانوا يعيشون هكذا؟
بالطبع لم تكن حياتهم بيضاء وسوداء ورمادية، فالألوان لم تكن أبدًا وليدة زماننا، بل إن الإنسان منذ الأزل يستعملها في أمور حياتية عديدة منها ما لا يمكن أن يخطر على بالك أبدًا، إلا إنها في القدم لم تكن تُستعمل للأغراض الجمالية كاليوم، ولم تكن لوحة الألوان موسَّعة، وإنما كانت مقتصرة على ألوان محدَّدة أساسية للتعبير عن أمور معينة.
فقد استعمل الإنسان القديم الألوان للزينة والعنصرية ولتمييز الآلهة، بل وتمييز الشعوب والثقافات والأعراق والطبقات الاجتماعية أيضًا، إضافةً إلى تمييز الطقوس كطقوس الزفاف والموت والبلوغ والنصر والهزيمة والسلام، إلى آخره، ولكلٍّ منها لون ولكلِّ لون دلالة، وما يتخذه بلد ما من لون معين للدلالة على معنى معين قد يتخذه بلد آخر على النقيض، وما زالت استعمالات الألوان على هذا النحو شائعة في بعض البلاد وعند بعض القبائل، بل وحتى في الأوساط العريقة ولدى الطبقات المثقفة، في خلال الفقرات الآتية سنحاول المرور على الآثار العديدة لوجود الألوان واستعمالاتها، والتي سلط الكتاب الضوء عليها.
مؤلف كتاب الألوان والاستجابات البشرية
فيبر بيرين: أحد أبرز المتخصِّصين والمستشارين في مجال الألوان وخصائصها العلمية والتاريخية والفنية، وقد كرَّسَ ٣٠ سنة من حياته في إجراء أبحاثٍ عن الألوان والاستجابات البشرية، ويعمل محاضرًا في مختلف أنحاء العالم، وباعتباره مستشارًا في استخدام الألوان فقد قدم استشاراته لعدد من المؤسسات والشركات الحكومية والمدارس والقوات المسلحة أيضًا.
من مؤلفاته:
Creative Color
Color: A Survey in Words and Pictures
The Symbolism of Color
Principles of Color: A Review of Past Traditions and Modern Theories of Color Harmony.
معلومات عن المترجمة:
صفية مختار: كاتبة وشاعرة ومترجمة، خريجة كلية الألسن جامعة عين شمس بالقاهرة، ترجمت العديد من الكتب مع مكتبة جرير، وعملت مترجمة مع مؤسسة هنداوي للكتب، نشر لها العديد من الأعمال في صحف مصرية كـ”المصري اليوم”، وجريدة “الشارع”، ولها مجموعة قصصية بعنوان “وسال على فمها الشيكولاتة” عن دار “اكتب” للنشر والتوزيع، ومما ترجمته من الكتب:
المسار السريع للتسويق.
أقصى إنجاز لبراين تريسي.
المسار السريع للأمور المالية.
كما ترجمت بعضًا من روايات أجاثا كريستي وبعضًا من سلسلة “شوربة دجاج للحياة”، عن دار جرير.