حق النفس
حق النفس
لنا حرية الاختيار فيما يخصُّ أجسادنا أن نأكل ما نشتهي أو ما نراه صحيًّا، وهكذا النفس.. لك الحق أن تخرِج من تشاء من البشر والعلاقات غير السوية وتدخل من تشاء وما تراه يصلحها، فاعرف حدودك جيدًا، وقبل الحديث عنها تعلَّم كيف يكون ضبط حدودها، فاحترس على سفينة نفسك من قراصنة النفوس، ولا تدع أحدًا يغزوها، وضع كل شخصٍ في موضعه المناسب حتى تعرف نفسك جيدًا وتعرف إن كانت هذه أحلامك ومشاعرك حقًّا أم هي ملك أناس آخرين بثُّوها بداخلك.
لكل إنسان احتياجاته الفطرية (الحب والاهتمام _ التقدير)، وقد يعترف البعض أنه نشأ على أن تلبية هذه الاحتياجات تكون بمقابل مثل: “كن هادئًا حتى يحبك الجميع”، هكذا يقال للطفل ونحن لا ندري أننا بهذا نربط الحب بمقابل، وهنا تُفقَد الفطرة وتظهر الأقنعة إرضاءً للآخرين، وتُعدُّ هذه المشكلة من المشاكل الجوهرية في مجتمعاتنا، حيث سوَّقت لنا المعايير بمنظور خاطئ، فقد يدفن الطفل طفولته ورغباته في الاستكشاف وحقوقه في الاعتراض إرضاءً للمجتمع، وظنًّا منه أنه بهذا يفعل الصواب، حتى يتعايش مع المجتمع ويرى منه نظرة الرضا.
لكي تُزال تلك الأقنعة وتظهر النفس الحقيقية السوية يكمن الحل في التقبُّل غير المشروط، وقد تجد هذا في العلاقات الصادقة، وقد تكون علاقة واحدة مميَّزة كفيلة بأن تعالج كل ما سبَّبته تلك الأقنعة من تشوُّهات.
قد تنازعنا من حين إلى آخر أمور لا تزال في النفس كحديثٍ بينك وبين شخص انتهى من حيث الشكل ولكنه لم ينتهِ بداخلك وما زلت تعاني منه نفسيًّا،وهذا يؤثر بشكل غير مباشر في تعاملاتنا اليومية لأنه ما زال هناك جزء منك عالقًا مع تلك الأمور التي لم تنتهِ بداخلك، وللتخلُّص من هذا إما أن تأتي بهذا الشخص وجهًا لوجه وتخبره بما أردت أن تخبره به، أو تفعل ما تظن أنه كان عليك فعله وإن لم تستطِع فعل هذا على أرض الواقع فقم بالأمر في خيالك، وهناك حلٌّ ثالث، وهو أن تصفح عن آثام الماضي، وفي هذا الحل يكمن السلام النفسي، وتعلم أنك تسمو بنفسك إلى أعلى درجات الرقي وتحسن لمن أساء إليك.
الفكرة من كتاب الخروج عن النص
لا نزال نحمل بقايا تؤلمنا من الماضي ومخاوف لا نعرف كيف نتجاوزها، وقد تصدر منا بعض التصرُّفات لا نعرف لها مبررًا في أنفسنا، ومشاعر لا نعرف كيف أتت، معًا في هذا الكتاب نتعرف على النفس وماهيتها وكيف نحفظ حدودها ولا نسمح لأحد بأن يتعدَّى الخطوط الحمراء، ونتعلم كيف نتجاوز تلك الأمور التي لا تزال عالقة في أعماقنا وكشف الحجاب عن أفعال بعض الناس التي قد تكون خارجة عن النصوص الراسخة في عقولنا.
مؤلف كتاب الخروج عن النص
محمد طه: طبيب نفسي مصري، وكاتب مشهور حاصل على الماجستير والدكتوراه في الطب النفسي، وحاصل على الزمالة في الطب النفسي من الكلية الملكية البريطانية، وله العديد من المؤلفات منها: “لأ بطعم الفلامنكو”، و”علاقات خطرة”، و”ذكر شرقي منقرض” .