نظرية مجتمع السوق
نظرية مجتمع السوق
تختلف نظرة مجتمع السوق لقيمة الأشياء عن نظرة المجتمع القديم، الذي كانت الأسواق تمثل جزءًا منه فقط، إذ يميل مجتمع السوق لتغليب القيمة التبادلية التي تُباع وتشترى على القيمة الاستعمالية للشيء، مع الاستخفاف ومحاولة تسعير كل ما لا سعر له، مثل التعاملات الاجتماعية، والروابط الأسرية.
علي نقيض المجتمعات القديمة في القرون الوسطى مثلًا، ففي رواية هوميروس لحصان طروادة، أبطال الحرب لم يضحوا بحياتهم في سبيل الحصول على قيمة تبادلية، بل لأجل تحقيق المجد، ونيل مكانة عند ملكهم أجاممنون، ويرجع ذلك التباين إلى نشأة مجتمع السوق بجانب الثقافة والعادات والتقاليد.
ظهر مجتمع السوق في الأساس بعد بناء السفن في أوروبا، وازدهار الحركة التجارية، وظهرت معه طبقة التجار المعتمدة على بيع الصوف منافسةً الطبقة الإقطاعية في الثراء، مما دفع الإقطاعيين لاتخاذ قرار جريء بطرد جميع الفلاحين العاملين لديهم، وجعل فدادينهم لتربية الخراف، وتمت المساعدة في تنفيذ هذا القرار بعون من جيش الدولة على إخماد أي تمرد من الفلاحين.
فأصبح الفلاحون أحرارًا في عرض قوة عملهم مقابل المال بدلًا من الحصول على بعض الطعام، وحصول الإقطاعي على غالب نسبة الحصاد، لكنهم صاروا عبيدًا بشكل آخر؛ لسوق العمل ومتطلباته.
أدى هذا إلى ظهور عدد من العناصر الجديدة في مجال الاقتصاد، وولادة مجتمع السوق بتحويل قوة العمل إلى قيمة تبادلية.
عمل بعض الفلاحين في تأجير الأراضي من الإقطاعيين، ولكي يستطيعوا دفع الإيجار، قاموا بإقتراض المال، ومن ثم رده إلي النبيل أو الإقطاعي نفسه مع فائدة ربوية مضافة إليه، فظهر بين طبقة أصحاب الأعمال الناشئة التنافس الشديد، والخوف من تقلبات السوق، وعدم القدرة على سداد الدين، فأصبح الدين المحرك الحقيقي للثورة الاقتصادية، والتنافس دفعهم لتطوير التكنولوجيا لتحسين الإنتاج.
الفكرة من كتاب الاقتصاد كما أشرحه لابنتي
هل يُمكنك أن تشرح الاقتصاد لطفلة لم تتجاوز التاسعة؟ وكيف يُمكن أن تشرح لها؟ هذا ما فعله كاتبنا مع ابنته الصغيرة، من شرح بعض المفاهيم الاقتصادية، والإجابة عن بعض الأسئلة مثل: “لماذا كل هذا القدر من اللا مساواة بين الشعوب؟”، و”كيف تكون مجتمعات السوق مثل إيكاروس؟”، و”لماذا لم يغزُ السكان الأصليون في أستراليا بريطانيا؟”، و”كيف تعمل البنوك؟”، في شكلٍ قصصي، ورَبطِها بأساطير مشهورة، مُبتعدًا عن المصطلحات الأكاديمية مثل مصطلح “الرأسمالية” الذي استبدل به مصطلح “مجتمع السوق” لتبسيط الأمر.
مؤلف كتاب الاقتصاد كما أشرحه لابنتي
يانيس فاروفاكيس: اقتصادي وسياسي يوناني-أسترالي، وأكاديمي سابق في العلوم الاقتصادية، شغل منصب وزير مالية اليونان، وكُلِف بإدارة أزمة الديون للحكومية اليونانية.
له مؤلفات وكتب عدة عن الاقتصاد وأثره في السياسة، منها:
المينوتور العالمي – أمريكا وأوروبا ومستقبل الاقتصاد العالمي
-And The Weak Suffer What They Must?: Europe, Austerity and the Threat to
Global Stability
-Adults in the Room: My Battle with the European and American Deep Establishment
معلومات عن المُترجم:
عماد شيحة: سوري الجنسية، مترجم وروائي، ترجم العديد من الكُتب مثل: “تاريخ الشك”، “منطق الكتابة و تنظيم المجتمع”، وألَّف رواية: “بقايا من زمن بابل”، و”غبار الطلع”.