الصناعة في الخليج.. آفاق جديدة
الصناعة في الخليج.. آفاق جديدة
ألقى غازي القصيبي هذه المحاضرة في جمعية المهندسين البحرينيين في عام 1398هـ/1978م، فبدأ حديثه بتشبيه العملية التصنيعية بحجر الفلاسفة الذي يحول التراب إلى ذهب، فكل كيلو جرام من الحديد الخام يساوي عشرة أضعافه إذا تحول إلى فولاذ، ثم يقفز إلى مئة ضعف إذا تحول إلى قطع غيار ويقفز مجددًا مئات المرات إذا تحول إلى أجزاء صغيرة من جهاز إلكتروني، فهذه هى لمسة يد الصناعة السحرية.
بعد ذكر هذه الأهمية للصناعة، يرجع الكاتب التغيير الذي شهدته العلاقات الاقتصادية الدولية في هذه الفترة إلى أزمة الطاقة في عام 1973م، مما أعطى دول الخليج وضعًا مميزًا نتيجة لتوافر الطاقة بكثرة لديها.هذا التغيير أدى إلى توازن عام بين منتجي المواد الخام و مستهلكيها وتوزيع أفضل للحقوق والواجبات، مما أعطي الأمل للفقير في الثراء. مع ذلك، فإنه يرى أن الخليج قد أصبحت لديه فكرة واقعية عن العقبات التي قد تعترضه في مجال الصناعة كما له رؤية واضحة عن الطموحات والإمكانات التي يفتحها هذا المجال.
يدور جزء كبير من حديث الكاتب في هذه المحاضرة كذلك عن المنطق الاقتصادي الذي يقتضي أن تكون الصناعات المعتمدة على الطاقة بالقرب من مصادرها في الخليج، والصناعات المعتمدة على اليد العاملة في بلاد الانفجار السكاني في آسيا وإفريقيا، بينما تقوم الصناعات الدقيقة في الدول المتقدمة صناعيًّا. لهذا السبب، فإنه يؤكد على حق دول الخليج في أن تحظى بقبول المجتمع الدولي للتغيير الجديد في شكل الصناعة البتروكيماوية، وتحظى بترحيبه شريكًا بدلًا من محاولة سد الطريق أمام الصناعة العربية وهى تحاول دخول هذه الصناعة قادرةً على المنافسة فيها.
الفكرة من كتاب التنمية وجهًا لوجه
في العام 1397ﻫ/ 1977 م، وصفت مجلة “النيوزويك” ما يدور في المملكة العربية السعودية بأنه “أعظم محاولة للتخلص من أسر التخلف منذ بدأت اليابان محاولتها للأخذ بأسباب المدنية الحديثة في القرن السابق”. من هنا يأتي هذا الكتاب ليجمع عدة محاضرات سبق أن ألقاها الكاتب بين العامين 1977 و 1980 حيث يناقش التنمية و الأسباب الكامنة خلف نجاحها أو فشلها وبالتحديد التنمية في السعودية ومنطقة الخليج.
في هذا الإطار، يبدأ الكاتب حديثه عن وزارة الكهرباء والتحديات الوزارية، ثم يشاركنا خواطره عن التنمية وعن الصناعة بوصفها أملًا و تحديًا في المملكة العربية السعودية وحجر أساس للتنمية في الخليج. لا ينسى الكاتب مع ذلك أن يناقش الأوهام والتساؤلات المصاحبة للعملية التنموية في الداخل السعودي وخارجه، ويفند المخاوف والإشكالات التي يجب تفاديها لتنجح هذه الثورة التنموية.
مؤلف كتاب التنمية وجهًا لوجه
غازي عبد الرحمن القصيبي، من مواليد الإحساء بالمملكة العربية السعودية عام 1940م/1359هـ. درس الحقوق بجامعة القاهرة ثم التحق بالدراسات العليا في لوس أنجلوس بالولايات المتحدة الأمريكية متخصصًا في العلاقات الدولية. في ما بعد، حصل على الدكتوراه في جامعة لندن كلية university college وكان موضوع رسالته عن اليمن.
على مدار حياته عمل مدرسًا مساعدًا ومستشارًا لبعض الجهات الحكومية ، ثم تولى الكاتب مناصب إدارية متعددة كعميد لكلية التجارة بجامعة الملك سعود ورئيس لهيئة السكة الحديد قبل أن يصبح وزيرًا للصناعة والكهرباء ومن ثم وزيرًا للصحة. تخللت مهامه الوزارية فترة من العمل سفيرًا للمملكة بالبحرين ثم في المملكة المتحدة قبل أن يعود إلى الوزارة مرة أخرى وزيرًا للمياه والكهرباء ثم أخيرًا وزيرًا للعمل.
توفي غازي القصيبي في عام 2010 تاركًا من خلفه إرثًا من مؤلفات الشعر والأدب، أشهرها رواية “شقة الحرية”، وكتاب “حياة في الإدارة” وكتاب “من هم الشعراء الذين يتبعهم الغاوون؟ “. أما عن الأعمال الشعرية فمنها قصيدة “رسالة المتنبي إلى سيف الدولة” و قصيدة “القلم تم بيعه وشراؤه”.