أخبار الحروب في العصر الرقمي
أخبار الحروب في العصر الرقمي
تُعد تغطية الأخبار الرقمية في الحروب من الروتين اليومي لوسائل الإعلام الإخبارية، بدايةً من الصور التي يلتقطها المواطنون للأعيرة النارية التي تطلقها القوات المسلحة، مرورًا بالتسجيلات الصوتية للقذائف، وانتهاءً بالفيديوهات التي توثق الهجمات المسلحة، ويتم بث كل تلك الأخبار على شاشات التلفاز والإنترنت، ومن ثمَّ يكون لها تأثير عميق في تصوراتنا للأوضاع البشرية، لذا فإن كونك متفرجًا على أخبار الحروب والمصائب التي تحدث في بلد آخر هو تجربة عصرية مثالية، كما أشارت إلى ذلك سوزان سونتاغ، بالإضافة إلى ذلك فإن التكنولوجيا الرقمية أصبحت تُعيد صياغة وكتابة الأشكال والممارسات المألوفة لمراسلات الحروب بطرق مفاجئة، فالصور والروايات الإخبارية التي تُبرز فيها إراقة الدماء بمعدَّل متزايد ظاهريًّا تجلب معها ردود الأفعال من سخط وتعاطف وشعور بالإثارة والاستحسان.
إن وضع التكنولوجيا في العصر الرقمي أدى إلى ظهور شكل عالمي من أشكال العنف، وهو “العنف الافتراضي”، الذي يتمثَّل تحديدًا في “الحرب الفاضلة” وهي خوض الحروب من مسافات بعيدة والتعرُّض لحد أدنى من الإصابات من جانبك، إن اعتماد هذا النوع من الحروب أدى ضمنيًّا إلى الاعتقاد أن العنف العسكري هو أكثر الوسائل فاعلية لحل المشكلات السياسية التي تبدو صعبة الحل، وبناءً على ذلك فإذا كنت تمتلك تفوقًا تكنولوجيًّا وتؤمن بتفوقك الأخلاقي، فإن النتيجة ستكون سيئة للغاية، إذ إنَّ شن حرب فاضلة يعني بذل قصارى جهدك لإخفاء ضحايا العُنف الذي يُرتكب عن بُعد، ومن ثمَّ الترويج إلى كون الحروب الفاضلة غير دموية، وأنها إنسانية ونظيفة، وذلك من خلال دمج الجانب الافتراضي مع الجانب الواقعي في عمليات المحاكاة بالحاسوب، إذ تتداخل الحرب مع الألعاب على الشاشة نفسها، ومن ثمَّ يتم التحكم في طريقة عرض الحرب.
وتنقسم الحروب في العصر الرقمي إلى ثلاثة أنواع من الحروب، وهي: “حرب الشبكات” المتعلقة بالجماعات المسلحة الخاضعة للدولة، وأجهزة الأمن، والجماعات شبه العسكرية، والجماعات الإرهابية، فهؤلاء يتألفون من شبكات وتحالفات أفقية غير متماسكة تخوض شكلًا من أشكال الحروب الجديدة، و”حرب الفرجة” وهي تلك الحرب التي تخاض عندما لا يكون المواطنون على استعداد للتضحية بحياتهم والموت من أجل بلدهم، وفيها تُدار الحرب من مسافات بعيدة من خلال استخدام الطائرات دون طيّار أو الصواريخ، أو عن طريق وكلاء، و”حرب الحداثة الجديدة” وهي التي تخوضها القوات العسكرية الكلاسيكية كروسيا والصين، إذ إن مثل هذه الدول على استعداد للمخاطرة بالإصابات عندما تهدد بخوض حرب مع دول أخرى، ومن ثمَّ فإن التغطية الإعلامية المنقحة للحروب في العصر الرقمي تُنتج جماهير متبلدة الأحاسيس، إذ يراقبون بجمود كل تطور في حرب “ألعاب الفيديو” من دون أي تأثير يُذكر عليهم!
الفكرة من كتاب علم الاجتماع الرقمي
يستعرض مُحررا الكتاب مجموعة من الأمور الخاصة بعلاقة علم الاجتماع بالتكنولوجيا في العصر الرقمي، بدءًا بالذوات الإلكترونية والعلاقات الشخصية والحميمية على الإنترنت، مرورًا بأنماط اللا مساواة الرقمية، وفُرص التعليم الرقمي وتأثيره في التعليم التقليدي، وكذلك الصحة الرقمية من خلال علاقة المرضى بالمهنيين الطبيين، وأخيرًا التقارير الإخبارية والإعلامية في أوقات الحروب.
مؤلف كتاب علم الاجتماع الرقمي
كيت أورتون جونسون: هي محاضرة في علم الاجتماع بجامعة إدنبرة بالمملكة المتحدة.
نيك بريور: هو محاضر أوّل في علم الاجتماع بجامعة إدنبرة بالمملكة المتحدة.
معلومات عن المترجم:
هاني خميس أحمد عبده: هو أستاذ علم الاجتماع في كلية الآداب بجامعة الإسكندرية، ووكيل الكلية لشؤون الدراسات العليا والبحوث، تخرج في كلية الآداب قسم علم الاجتماع، وحصل على درجة الماجستير في علم الاجتماع، كما حصل على درجة الدكتوراه في علم الاجتماع، ومن ترجماته:
تخفيض معدلات الفقر والعنف ضد المرأة.
علم اجتماع النوع.
علم الاجتماع الرقمي.