الحكم الإسلامي وعصر الغفلة
الحكم الإسلامي وعصر الغفلة
هل يحاسبنا الله في هذا العصر المليء بالمغريات كما يحاسب أهل البداوة أيام قريش؟ ولو عاش المسلمون الأُول في عصر تتسلل فيه الفتن حتى الفراش، هل يظلون على نقائهم الذي قرأنا عنه؟ ألا يستحق مسلمو هذا العصر أحكامًا مخففة؟ وهل يمكن أن يقوم حكم إسلامي في مثل هذه الظروف ودون بتر كامل للعصر ودون إرهاب؟ وهل لو حاول حاكم أن يطبق الشريعة بهدوء وترفق يرضى عنه المتشددون أم يتهمونه بالترخص والابتداع؟
تساؤلات طرحها الدكتور مصطفى محمود مجيبًا عنها بأن التدين لا يمكن أن يأخذ الشكل القديم بتفاصيله في عصر مختلف تمامًا، أما الصورة المثلى التي نعرفها فلا تبدو ممكنة إلا لأفراد نذروا أنفسهم وهم الصوفية، وهو ما لا يمكن تحقيقه للمجتمع كله إلا عنوة، والدين لا يغرس بالقوة، ولا يمكن الوصول إلى حكم إسلامي إلا على مراحل منها التوعية والدعوة ونشر القدوة ثم تظهر طلائع من أهل التقوى ثم يظهر مجدد للدين على قدم النبوة ثم بتيسير الله يتحرك المجتمع كله وراءه اختيارًا لا إجبارًا.
ويشير الكاتب إلى أن الفقهاء الذين يفتون بحرمانية السينما والبنوك والموسيقى والتلفزيون يجعلون حياتنا كلها كفرًا صريحًا فلا يبقى لنا إلا أن نهاجر للجبال إن كان عندنا إيمان، ولو نظر أهل الحل والعقد لوجدوا أن حتى رواتبهم التي يتقاضونها من الدولة يدخل فيها الحرام من إيرادات السياحة والجمارك والخمور وصالات القمار، فالعصر قد ابتعد عن الدين بالكلية وامتلأ بالفساد وليس الحل أن يكون الإصلاح بالرفض الكامل والدم والقهر، والله يعلمنا في تحريمه الخمر بالتدرج لا بغتة أسلوبًا تشريعيًّا تدريجيًّا لإصلاح الفساد المترسخ، والنظام الاقتصادي والبنوك الربوية وحد السرقة من المال الخاص والعام خير مثال على ضرورة البدء بتعديل القوانين بنظرة فقهية جديدة تلائم المتغيرات الجديدة؛ فالمسألة بحاجة إلى الاجتهاد لا الهتاف.
إن مَن يريد الإصلاح عليه أن يبدأ بنفسه أولًا ثم يصلح أهله ثم جيرته، ثم ينطلق من بعد ذلك لدعوة مجتمعه، فمن أتم ذلك فقد أدى ما عليه، وهو بذلك يضع الأساس لمن يبعثهم الله فيما بعد لإحياء الإسلام على مستوى الأمة.
الفكرة من كتاب نار تحت الرماد
بين صراعات الإنسان الداخلية بين المادة والروح، بين انتحار أهل الترف وانتحار أهل التطرف، وبين طغيان الإنسان بعلمه وجهله، بين كل تلك القضايا وغيرها يأخذنا الكاتب في جولة لتدارس أسباب وعلاجات تلك الظواهر الدينية منها والمجتمعية والسياسية.
مؤلف كتاب نار تحت الرماد
مصطفى محمود؛ فيلسوف وطبيب وكاتب مصري، وُلد عام 1921 وتوفي عام 2009.
له أكثر من 80 كتابًا في مجالات متنوعة، منها العلمية والفلسفية والاجتماعية والدينية، إضافةً إلى الحكايات والمسرحيات وأدب الرحلات.
من أهم كتبه ومؤلفاته:
الله.
السؤال الحائر.
الإسلام ما هو.
على حافة الانتحار.