النفس الإنسانية
النفس الإنسانية
يعد المجال النفسي من أبرز وأوضح المجالات التي تظهر فيها الفروق الفردية أيضًا، فروق تتراوح بين القدرة على التعامل والتكيف مع الأحداث اليومية والتقلبات الحياتية والشعور بالتوافق النفسي بين الفرد والمجتمع وبين العكس من ذلك فيما يسمى بالسوية واللاسوية، لكن هل هذا يعني أن السوية درجة واحدة واللاسوية درجة واحدة، هل يعني هذا أن السوية هي الخلو من الأمراض النفسية واللاسوية على العكس؟ بالطبع لا، لأننا قد نجد أناسًا على قدر جيد من الصحة لا يشتكون من الأمراض إلا إنهم غير قادرين على التكيف أو التعامل مع الحوادث أو ينهزمون بسهولة أمام المشاكل، وهنا تظهر الفروق الفردية والتفاوت في السوية، لأنه بالطبع لا يوجد إنسان لا يمر بمشاكل ولا تعصف به الأزمات ولا يعاني من القلق، وبالتالي تبقى مسألة تخضع لنوع من النسبية، أما اللاسوية فتكون واضحة في وجود انحراف معين أو شذوذ معين عن المجتمع أو عن الطبيعي للفرد الإنساني، نجد لديه أعراضًا واضحة جدًّا تنبئ عن بعده عن كل تدرُّجات السوية الإنسانية.
مما ينشأ من هذه الانحرافات أو من المقدرة على عدم التكيُّف أعراض واضحة تنبئ عن عدم السوية منها مثلًا الخجل، والذي يعد اضطرابًا وظيفيًّا يتجلَّى بفعل ضرب من عدم التكيف الدائم أو المؤقت كما في تعريف الكاتب، لهذا الخجل أعراض وظواهر منها التعرُّق الشديد واضطراب الكلام والرعشة التي تصيب الجسد والصوت والضيق النفسي والصعوبة في التحدث ونحو ذلك، والغضب أيضًا يمكن أن يعد من المظاهر غير السوية، ونعني به الغضب الشديد غير الموجَّه الذي يكون مقصده الاعتداء والتخريب، سواء كان موجهًا إلى الآخرين أو موجهًا إلى النفس، نعم هو في نهاية الأمر تعبير عما يختلج في النفس الإنسانية إلا إنه قد يصل إلى مستويات حادة “غير سوية”، وبالطبع فإن أي صفة ستخطر على بالك مما يتعلَّق بالنفس الإنسانية ستقع في دائرة الفروق الفردية بلا شك.
الفكرة من كتاب سيكولوجية الفروق الفردية: علم النفس الفارقي
خلق الله الإنسان كائنًا فريدًا متميزًا عن سائر خلقه، بل إن ما أودعه الله فيه من عجائب الخلق والتكوين لهو آية من آيات الله التي أُمِرنا بالتأمل والتفكُّر فيها، بدايةً من اختلاف بصمات الأصابع إلى ما يجول في الصدور من خواطر وما يعترك فيها من انفعالات تنتج سلوكًا يتميَّز به كل فرد عن الآخر، وقد حاول العلماء أن يدرسوا ما الذي يمكن أن يؤثر في تلك الفروق التي تتنوَّع بين فرد وآخر، لا.. بل بين مجتمع وجاره وبين جنس ونقيضه! وهل هناك ما يمكن السيطرة عليه وتوجيهه لتحسين تلك الفروق؟ هل هناك أصلًا فروق بحاجة إلى أن تتحسَّن، ولماذا يُخضِعون البشر لمقاييس واختبارات ومعايير معينة؟ هل يجب أن نكون نسخًا وفق معيار واحد، أم أن هذه الفروق هي ما يميزنا كبشر أصلًا! تعالَ نطلع معًا على هذا الكتاب لعلَّه يجيبنا عن بعض هذه الأسئلة.
مؤلف كتاب سيكولوجية الفروق الفردية: علم النفس الفارقي
أسعد شريف الإمارة: عراقي الأصل، أستاذ جامعي وباحث سيكولوجي، حاصل على ليسانس علم النفس، وماجستير في علم النفس والإرشاد، ودكتوراه في الإرشاد والصحة النفسية، له كتابات ومؤلفات في هذا المجال، ومنها:
سيكولوجية الشخصية.
علم نفس الشواذ.
أسئلة نفسية حائرة.