الفروق الفردية والنمو
الفروق الفردية والنمو
حين يولد الإنسان يبدأ بشقِّ طريقه نحو التمام الجسدي والعقلي والوجداني شيئًا فشيئًا بشكل تدريجي فيما نسميه بالنمو، وتسميه موسوعة علم النفس والتحليل النفسي بأنه كل زيادة مضطردة في حجم الكائن الحي أو أحد أعضائه، وأيضًا الزيادة في وظيفة من وظائف الكائن الحي أو أحد أعضائه، بحيث يصبح قادرًا على أداء ما لم يكن يستطيعه من قبل، ومن هنا نجد أن النمو يشمل أي زيادة في الجسم أو النمو العقلي أو النمو النفسي والانفعالي وهكذا، فأما عن النمو الجسدي أو الحركي الذي يبدأ مع الإنسان منذ نعومة أظفاره نجد أن الاستعداد الحركي لدى كل الأطفال واحد، وعملية النمو التي يمرون بها من الحبو إلى محاولة الوقوف إلى الوقوف التام واحدة أيضًا، لكنها تختلف في السرعة والبطء، نجد أيضًا الطول والوزن مثلًا في الفرد الواحد يتغيَّر من مرحلة إلى أخرى، ففي مرحلة يكون سريعًا وفي مرحلة أخرى يصبح مستقرًّا أو متباطئًا، أيضًا نجد الفروق الفردية بين الجنسين من حيث الكتلة العضلية مثلًا، والتي تمثِّل نسبة أكبر في الذكور عن الإناث، وهكذا.
أما بالنسبة للنمو العقلي فهو مثل غيره يخضع للعوامل البيئية والبيولوجية، ونجده واضحًا في السنوات الأولى للطفل، وذلك حين تتسع مداركه ومفرداته اللغوية يومًا بعد يوم بحسب ما يتلقاه من تعليم، وما يقوم به من أنشطة، إضافةً إلى أمور أخرى متعلِّقة بالدماغ، أيضًا هذه القدرات نجدها سريعة النمو في مرحلة وبطيئة في مرحلة أخرى لدى الفرد نفسه.
وكذلك تظهر فروق فردية فيما يتعلق بالنمو النفسي، مثلًا قد يتعرَّض كلانا لهجوم كلب أسود في الشارع، أنا سأُظهر ردة فعل واستجابة نفسية مختلفة تمامًا عن التي ستظهرها أنت مثلًا، ردة الفعل هذه تنبع من انفعال داخلي نتج عنه هذا السلوك أو ردة الفعل هذه.
بالطبع يمكن أن تتسع هذه الدائرة لتشمل فهم وتحليل الفروق بين الجماعات وليس بين الأفراد فقط، وهنا تظهر معايير أخرى وعوامل أخرى ومجالات أخرى للدراسة فيما يتعلق بالأعراق مثلًا وبالثقافات المختلفة وبسكان المنطقة الواحدة وما إلى ذلك، والمشكلة أن هذا النوع من الدراسة ربما يختلط بالعصبية القبلية وبالتحيُّز فيُخرِج لنا نتائج غير موضوعية.
الفكرة من كتاب سيكولوجية الفروق الفردية: علم النفس الفارقي
خلق الله الإنسان كائنًا فريدًا متميزًا عن سائر خلقه، بل إن ما أودعه الله فيه من عجائب الخلق والتكوين لهو آية من آيات الله التي أُمِرنا بالتأمل والتفكُّر فيها، بدايةً من اختلاف بصمات الأصابع إلى ما يجول في الصدور من خواطر وما يعترك فيها من انفعالات تنتج سلوكًا يتميَّز به كل فرد عن الآخر، وقد حاول العلماء أن يدرسوا ما الذي يمكن أن يؤثر في تلك الفروق التي تتنوَّع بين فرد وآخر، لا.. بل بين مجتمع وجاره وبين جنس ونقيضه! وهل هناك ما يمكن السيطرة عليه وتوجيهه لتحسين تلك الفروق؟ هل هناك أصلًا فروق بحاجة إلى أن تتحسَّن، ولماذا يُخضِعون البشر لمقاييس واختبارات ومعايير معينة؟ هل يجب أن نكون نسخًا وفق معيار واحد، أم أن هذه الفروق هي ما يميزنا كبشر أصلًا! تعالَ نطلع معًا على هذا الكتاب لعلَّه يجيبنا عن بعض هذه الأسئلة.
مؤلف كتاب سيكولوجية الفروق الفردية: علم النفس الفارقي
أسعد شريف الإمارة: عراقي الأصل، أستاذ جامعي وباحث سيكولوجي، حاصل على ليسانس علم النفس، وماجستير في علم النفس والإرشاد، ودكتوراه في الإرشاد والصحة النفسية، له كتابات ومؤلفات في هذا المجال، ومنها:
سيكولوجية الشخصية.
علم نفس الشواذ.
أسئلة نفسية حائرة.