لماذا يصدق الأذكياء أمورًا غبية؟
لماذا يصدق الأذكياء أمورًا غبية؟
لا يهم اعتقاد المرء بشأن نفسه، أو مدى ما يصل إليه من مستوى ذكاء، إذ يرتكب الجميع بعض التصرفات الكارثية بطريقة لا واعية، تسمح بخداعهم بصورة يعتقدون فيها أنهم أخذوا القرار من تلقاء أنفسهم وبعد مراحل من الفهم والتحليل والنقد، ولكننا نتأثر بعوامل ثانوية مختلفة بغض النظر عن العوامل الأساسية التي يتناولها محتوى الخطاب نفسه، وأول عامل هو عدم تقييم الأسباب والحجج المنطقية المقدمة بشكل كاف والاكتفاء بترك اللا وعي يقرر، مثلما يحدث في الإعلانات التي تستهدف الإقناع الشعوري بمخاطبة غرائز المستهلك وعواطفه وتجنب عقله ووعيه.
والثاني هو ميلنا إلى تصديق الأفكار المألوفة، خصوصًا إذا تكرر محتوى الخبر نفسه لا مصدره، وهو ما يحدث في البرامج الإعلامية، ويسهل تمرير الأكاذيب في العقول إذا استمر سردها مرارًا وتكرارًا على مسامع الناس وأذهانهم، والثالث هو قابلية تصديقنا للأمور التي يصدقها كثير من الناس وهو ما يسمى بالدليل الاجتماعي، لقصر خبرة وإدراك الفرد لكثير من الخيارات المطروحة أمامه، فإنه يقيس جودتها بالعدد الذي يستهلكها، لافتراضه أنه إذا كانت هناك مشكلة ما فإن الناس لن يسكتوا ولن تكون سمعة الاختيار بهذا الاتساع.
العامل الرابع هو التطبيق لتجربة الاشتراط الكلاسيكي لبافلوف، وهو ربط الاستجابة العاطفية بمثير خارجي، وهو ما تستغله إعلانات السلع الاستهلاكية مثل السيارات الحديثة، بتوظيفها لعارضات جميلات بجانب السيارة لربط استجابة المستهلك العاطفية بالنساء ونقلها للسيارة، العامل الخامس هو تصديق من يشبهوننا، لاستبعاد أنهم سيخدعوننا ما داموا يتمتعون بنفس صفاتنا ويعانون من نفس مشكلاتنا.
وهناك أيضًا عدة معوقات إذا رغبنا في تقييم الحجج منطقيًّا، مثل مشكلة التشتت وعدم الانتباه، والتحيز التأكيدي الذي يستبعد كل الملاحظات والشواهد النافية لما أعتقد بصحته مقابل ملاحظة ما يؤكده، والتصور الخيالي للعالم العادل الذي لا يمكن أن تحدث فيه أمور خادعة لوقت طويل وأن ينجو فاعلها من دون عقاب.
الفكرة من كتاب متى يمكن الوثوق في الخبراء (التمييز بين العلم الحقيقي والعلم الزائف في مجال التعليم)
إننا نعيش في عصر نتعرض فيه بصورة مباشرة ومستمرة إلى صور ممنهجة خارج إدراكنا، بهدف إقناعنا بتصديق فكرة ما أو بعمل فعل معين، وأسهل طريقة لإقناعنا هي إلباس هذه الصور لباس العلم الجاد الموثوق، ويتم خداعنا في كثير من الأحيان بعلم زائف أو ادعاءات كاذبة، ولكن بعد فوات الأوان وترك هذه الأفكار تؤثر في سلوكنا واتخاذنا للقرارات الخطرة، مثل ما يركز عليه هذا الكتاب في قضايا مثل التعليم، فكيف نستطيع التفريق بين العلم المستند إلى دراسات حقيقية وبين العلم الزائف؟ وما العوامل أو التصرفات التي نرتكبها ويستغلها المخادعون لإقناعنا؟ وما هي أشهر تكنيكاتهم؟ وماذا نفعل لنتأكد من صحة الدراسات في غير مجال تخصصنا؟
مؤلف كتاب متى يمكن الوثوق في الخبراء (التمييز بين العلم الحقيقي والعلم الزائف في مجال التعليم)
دانيال تي ويلينجهام: حصل على الدكتوراه في علم النفس المعرفي من جامعة هارفارد عام 1990م، وكان أستاذًا لعلم النفس بجامعة فيرجينيا، انصبَّت أبحاثُه على الأساس الدماغي للتعلُّم والتذكُّر، وتختصُّ أبحاثه الأخيرة بتطبيق علم النفس المعرفي على تعليم الأطفال حتى المرحلة الثانوية، يَكتُب دانيال عمودًا بعنوان اسأل العالِم المعرفي في مجلة أمريكان إديوكيتور، ومن أشهر كتبته: لماذا لا يحب الطلاب المدرسة؟
معلومات عن المترجم:
تخرجت صفية مختار في كلية الألسن قسم اللغة الإنجليزية بجامعة عين شمس عام 2007م. وفضلًا عن كونها مُترجِمة فهي كاتبة وشاعرة، نُشر لها العديد من الأعمال في الصحف، مثل صحيفة المصري اليوم وجريدة الشارع ومجلة كلمتنا ومجلة الثقافة الجديدة، ولها مجموعة قصصية بعنوان وسال على فمها الشيكولاتة.
عملت في مؤسسة هنداوي حتى عام ٢٠١٨ في وظيفة مُترجِم أول؛ إذ تولت ضمن فريق المترجمين بالمؤسسة مسؤولية ترجمة الكتب من مُختلِف المجالات، وتَرجمَت خلال حياتها المهنية العديدَ من الكُتُب مع مكتبة جرير، ومن ضمنها: المسار السريع للتسويق، والمسار السريع للأمور المالية بالإضافة إلى بعض روايات أجاثا كريستي.