أهمية قول لا
أهمية قول لا
لنفترض أنك إنسان تحب أن تمد يد العون للآخرين، تتعاطف معهم بسهولة، وتتمتع بكفاءة عالية في حل العديد من المشكلات، إذًا فأنت معرض طوال الوقت لأن تكون الملجأ لأي شاكٍ، ولنفترض أيضًا أنك وافقت على كل الطلبات التي وجهت إليك، فسنجد أنك غرقت في الالتزامات الشخصية حتى أذنيك، واقتطعت جزءًا كبيرًا من وقتك ومجهودك، وأهملت حياتك الخاصة ومهماتك الأساسية، وغالبًا ستصاب بالإحباط في نهاية الأمر.
تأتي في مقدمة الأسباب التي تدفعنا لقول كلمة نعم رغبتنا الحقيقية في مساعدة الواقعين في المأزق، وعقدة الذنب التي تعتصرنا لو تركناهم، نحب التطوع وعرض خدماتنا، وفي كثير من الأحيان نوافق عندما نكون في لحظات ضعف، مرهقين بدنيًّا أو ذهنيًّا، يطلب أناس نحبهم منا المهمات بأسلوب عاطفي يصعب موقفنا في قول كلمة لا، ولكن ذلك الأمر لا بد أن يتغير.
بداية لتعلم قول كلمة لا، افعل الآتي، أولًا: احسب على سبيل التجربة عدد مرات قولك نعم أو الموافقة على طلب ما حتى ولو بالإيماء على مدار أسبوع مثلًا، سوف تظهر النتيجة المفاجئة حجم المشكلة الحقيقي ومدى تأثيرها في حياتك، ثانيًا: رتب أولوياتك على أساس الأهمية ولا تغفل عامل الوقت، ثالثًا: اعرف حدود حياتك العاطفية والنفسية وشؤونك المادية لكي تمنع الآخرين من اختراقها، رابعًا: ثق في قدرة الآخرين على أداء مهماتهم بأنفسهم وأسد إليهم النصائح في كيفية القيام بذلك، خامسًا: اهتم بالطرق والأساليب التي توزع بها وقتك ومجهودك.
عندما يطلب منك طلب أو خدمة، حاول أن تحلل الحدث وتفهم السياق الذي طلبت فيه والدوافع الحقيقية وراءه ومدى ارتباطك أو درجة علاقتك بصاحب الطلب، لتستطيع أن تحدد الرد المناسب لكل موقف، ثم لا تنس أن تأخذ ملاحظاتك على الموقف لتكون تنبيهات مستقبلية للاستفادة من الخبرات التي تراكمت لديك، ستجد أن استجابتك تتحسن تلقائيًّا.
الفكرة من كتاب كيف تقول لا (250 طريقة لتقولها وتعنيها، توقف عن محاولة إرضاء الآخرين للأبد)
إن التصور الصحي لأي علاقة هو القيام على التوازن والتبادل، فأن تعطي وتأخذ هو جوهر العلاقة، وأي زيادة في أي طرف يحول العلاقة الصحية إلى اتكالية استنزافية تؤثر بالسلب في طرفيها، وتكون معاناة أحدهما أكبر من الآخر خصوصًا إن كانت لديه صعوبة في رفض أي من الطلبات التي تنهال عليه، مستنزفة وقته ومجهوده، ضاربة بنظام حياته عرض الحائط.
للحفاظ على التصور السليم للعلاقات المختلفة داخل إطار العمل أو الصداقات أو العائلة والدائرة الاجتماعية يجب تعلم قول كلمة لا عندما تحتاج إليها، ستكون تلك الكلمة السحرية كالمنقذ من الهلاك والغرق في الالتزامات والشعور بالإحباط والوقوع في ورطة أنه قد تم استغلالك، هذه ليست دعوة للأنانية بل هي حماية لحياتك الخاصة، فلا يوجد تعارض بين رغبتك بمساعدة الآخرين وتحديدك لأولوية المهام ونطاق تلك المساعدات وأي منها الضروري، وما الأساليب التي تورطك كل مرة في الموافقة، وكيف تخرج من المواقف المحرجة التي تفرض عليك قول نعم.
مؤلف كتاب كيف تقول لا (250 طريقة لتقولها وتعنيها، توقف عن محاولة إرضاء الآخرين للأبد)
سوزان نيومان: اختصاصية في علم النفس الاجتماعي وخبيرة في تربية الأطفال، لها إسهامات عديدة في مجال التربية، إذ يبلغ عدد مؤلفاتها خمسة عشر كتابًا تدور حول العلاقات، محاولة حل مشكلاتها وتأسيسها بشكل صحي، احتل بعضها قائمة الأكثر مبيعا في أمريكا.
لها عدة أعمال بحثية ومشاركات في مجلات كبيرة مثل “سيدات المنزل” و “تلجراف لندن”، وقدمت عدة حلقات في برامج تلفزيونية مثل “صباح الخير يا أمريكا” و”عرض اليوم”، من أهم كتبها “تربية طفل وحيد”.