الطفل القائد
الطفل القائد
نولد وفينا حب القيادة والسلطة والظهور بين الناس، وهذا الحب قد ينحو منحًى جيدًا ونصبح من أعظم قادة التاريخ، وقد ينحو منحًى سيئًا للأسف، ونكون من أكبر جبابرة التاريخ وطغاتهم أيضًا، فكيف إذًا ننمِّي ونهذِّب حب القيادة لدى أبنائنا فتوضع في موضعها الصحيح ولا تتطوَّر إلى شكل من أشكال العنف أو القهر؟
بدايةً علينا أن نضع في الحسبان عدة عوامل بجانب عامل الفطرة الذي يولد به الإنسان، تلك العوامل تؤثر في نزوعه وحبه للقيادة، ومنها مثلًا: شكله وبنيته الجسدية، أو ترتيبه بين إخوته، أو أن يكون مُكلَّفًا بدور القائد على مجموعة من قِبل شخص آخر أكبر أو من قِبل المجموعة كلها، لذا من المهم أن نحرص على ملاحظة وتقويم هذا الحب قبل أن يوضع الطفل في موقف القائد، ولحسن الحظ أن سمات الشخصية القيادية باستقراء تاريخ القادة الناجحين مثلًا واضحة يمكننا أن نأخذ منها ما يناسبنا، فمن ذلك أننا يمكننا أن نربي أبناءنا على الاستقلالية والمسؤولية، وأن نوكل إليهم مهمات مناسبة لأعمارهم وقدراتهم، ونترك لهم مساحة اتخاذ وتحمُّل عواقب بعض القرارات الخاصة بهم، وأن نزرع فيهم بعض الأخلاقيات العامة، كالصدق والأمانة والتواضع، ونعلمهم مهارات كالحوار والإقناع والنقد البناء والتفكير التحليلي، ونبث فيهم الهمة والنشاط، ونشجِّعهم على سمو الأهداف والطموحات، وكل هذا مما تتشارك فيه الأسرة مع المدرسة أو المعلم، لكن هناك وسائل تعمل على تنمية القيادة لدى الطفل وتوجيهها بشكل سليم لن يستطيع أحد القيام بها إلا أسرته، ووالداه بشكل خاص طبعًا، ونبدأ بالهيكل العام جو الأسرة خاصة العاطفي، ومن العوامل المهمة الإشباع العاطفي للطفل والحب غير المشروط والوقت الذي يوفِّره الوالدان له ومشاركته في بعض الأعمال، وهناك أمر آخر متعلِّق بالوالدين نفسيهما، وهو القدوة الحسنة، وحرصهما على أن يكونا أفضل نموذج يراه الطفل في سنواته الأولى، وإن لم يكن فلا أقل من أن نقصَّ عليه قصص القادة الناجحين مثلًا، أيضًا من المهم أن نتيح لأبنائنا مساحة من التعارف والمشاركة في أنشطة اجتماعية مختلفة، ما يخلق له فرصة للتعرُّف على شخصيات وأنماط مختلفة وطرق تفكير متنوعة توسِّع مداركه وتضعه تحت تحديات متنوِّعة تكشف له قدراته بشكل عام.
الفكرة من كتاب اجعل ابنك يثق بنفسه
حين يُقدم المرء على اتخاذ قرار تكوين الأسرة بادئًا بالزواج ثم الإنجاب والتربية، عليه أن يعلم أنه مُقدِم على مسؤولية شريفة وأمانة عظيمة إن هو احتسب الأجر فيها وأعدَّ لها عدتها، فأن تكون مسؤولًا عن زوجة/ زوج ثم عن أبناء تمرُّون معًا بمراحل حياتية مختلفة وأحداث يومية متجدِّدة أمر يحتاج إلى صبر ومجاهدة واحتساب، ويحتاج أيضًا إلى تزكية للنفس وتعلُّم ومحاولة اكتشاف ومعرفة نفس الآخر ويحتاج إلى فقه للواقع المعيش وطرق التعامل معه وإلى ترتيب لأولويات الحياة، فالتربية الحسنة تبدأ من قبل أن يأتي طفلك، تبدأ منذ اختيارك لشريك حياتك، ثم تتغيَّر صورها مع الوقت، واطمئن فلست وحدك، المدرسة معك، أسرتك الكبيرة معك والمسجد أيضًا وربما الإعلام، في نهاية الأمر تبقى البيوت غراسنا: زراعتنا.. عنايتنا.. بها تحدِّد وتسفر عن حصادها مع مرور الأيام، وحتى يبلغ بنا الكبر عتيًّا، نبرُّهم اليوم فيبروننا غدًا.
عن التربية والمراهقة، وعن البر والعقوق، وعن المؤسسات التربوية والقصص الواقعية والأمثلة الحياتية يتحدَّث هذا الكتاب.
مؤلف كتاب اجعل ابنك يثق بنفسه
خالد عبدالله الشمروخ: مواليد دولة الكويت عام 1967م ، حاصل على ثلاث شهادات أكاديمية: علم النفس التربوي من كلية التربية جامعة الكويت، ومحاسبة بكلية الدراسات التجارية بالكويت أيضًا، وعلوم عسكرية بالكلية العسكرية بالكويت، وهو ناشط إعلامي واجتماعي، وله برامج إذاعية وتلفزيونية، وكاتب في عدة صحف كويتية، له كتاب آخر بعنوان: “كيف تواجه الجمهور بثقة؟”.