انصحني برفق
انصحني برفق
في حياتنا اليومية نتعامل مع كثير من أصناف الناس، ولكنَّ هناك صنفًا دائمًا ثقيلًا على النفوس، وهو الذي لا يعجبه شيء،كثير النقد لا يرى الجانب المشرق من أي شيء، وإنما دائمًا يرى العيوب فقط ويفترض المثالية في كل شيء، فاحذر أن تكون من هذا الصنف حتى لا تملَّ من الناس، وقال أنس ابن مالك: عملت في خدمة رسول (ﷺ) تسع سنين ما قال لي أفٍّ قط، ولكن هذا لا يعني ترك النصيحة والدعوة بمعروف، وإنما يجب أن ننتبه لممارسة فن النصيحة.
وحين يخطئ أحد عالِجه بأسلوب يجعله يفكر أن العلاج آتٍ منه وليس منك، وقد تكون النصيحة لحث، وذلك بذكر الجانب المشرق ثم التنبيه على الأخطاء، ولما أراد رسول الله (ﷺ) أن ينصح خالد بن الوليد بالإسلام بعث له رسالة غير مباشرة مع أخيه الوليد بن الوليد، فسأله أين خالد؟ فرد الوليد: يأتي به الله، فقال (ﷺ): “ما مثله يجهل الإسلام، ولو كان يجعل نكايته مع المسلمين على المشركين كان خيرًا له، ولقدَّمناه على غيره”.
واعلم أنه مهما كان الوقوع في الباطل فالرجوع إلى الحق خير من التمادي فيه، ولو رأيت أن الطريق لا ينقطع فالأصلح معالجة الخطأ، وها هو رسول الله (ﷺ) يُنتهَك عرض بيته في أحب النساء إلى قلبه تتهم بالزنا.. جاء إليها فقال: يا عائشة فإنه قد بلغني عنكِ كذا وكذا، وذكر لها خبر حادثة الإفك وما يقوله الناس، ثم أراد أن يبين لها أنه دومًا يمكن الرجوع إلى الطريق مهما ضل العبد، فقال لها: فإن كنتِ بريئة فسيبرئكِ الله (عز وجل)، وإن كنتِ ألممتِ بذنب فاستغفري لله (عز وجل)، وتوبي إليه فإن العبد إذا اعترف بذنبه ثم تاب تاب الله عليه.
وحاول قدر المستطاع الإصلاح دون اللوم، واستخدم أساليب لا تجرح ولا تحرج، فاللوم يُشعِر الملام بالنقص، وابتعد عن اللوم في العلن، ولا تنصح شخصًا من وراء الشائعات، بل تأكَّد من الخبر أولًا.
الفكرة من كتاب استمتع بحياتك
كم من أناس محبوبين يفرح الناس بلقائهم، فكيف يمكن لرجل أن يحبه أهله ويحترمه أصدقاؤه والأطفال يعتبرونه قدوة، ولماذا إذا تكلم أحدنا لم يهتم الناس لكلامه وتكثر الأحاديث الجانبية؟ وفي حين تكلم آخر ينصت الجميع على الرغم من أن الأول قد يكون أكثر علمًا منه؟
الفرق هنا في المهارات وفن التعامل والتميز في الإلقاء، دعونا في هذا الكتاب نلقِ نظرة على من وصف الله (عز وجل) خُلقه فقال: ﴿وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ﴾ لندرس فنون الحياة في المدرسة المحمدية (صلى الله على محمد).
مؤلف كتاب استمتع بحياتك
محمد عبدالرحمن العريفي: هو داعية إسلامي سعودي حاصل على دكتوراه في العقيدة والمذاهب المعاصرة، وأستاذ مساعد في كلية المعلمين بجامعة الملك سعود بالرياض.
وله العديد من المؤلفات مثل: كتاب “ضع بصمتك”، وكتاب “المفيد في تقريب أحكام المسافر”، وكتاب “عاشق في غرفة العمليات”.