لماذا يستمرون رغم المعاناة؟!
لماذا يستمرون رغم المعاناة؟!
وقد تستمر الحياة الزوجية لهؤلاء الذين يعانون من مثل هذه الاضطرابات بفضل تحمُّل طرف واحد الألم كله، ولكن لماذا قد يتحمَّل طرف واحد كل هذه الأعباء؟ وُجد أن الأسباب كثيرة؛ فالسبب الأول والأغرب هو وجود أناس لا يتصوَّرون الطلاق، والابتعاد عن شخص عاشروه مهما بلغ سوء هذا الشخص، حتى السوء يعتادونه، إذن فالطلاق يحتاج إلى قدرة نفسية خاصة، ويحتاج إلى إنسان عملي، لا يتحمَّل آلامًا لا مبرِّر لها.
ووُجِد أن السبب الثاني للاستمرار رغم المعاناة هو عدم تقبُّل الرجل أو المرأة لحمل لقب “مطلق” أو “مطلقة”، وكأن الطلاق عار، وهناك سبب ثالث للاستمرار، وهو أن هذه الحياة الصعبة المؤلمة فيها جوانب أخرى تحقق إشباعات معينة للطرف الضحية، قد تكون احتياجات جنسية أو مادية أو اجتماعية، وقد يكون الطرف المضحِّي مدركًا في أعماقه أنه لن ينجح أيضًا مع أي إنسان آخر.
وهناك سبب أعم للذين يستمرون في حياة زوجية صعبة وهو وجود أولاد، فهم يؤمنون بنظرية البيت المتكامل، حيث يجب على الأولاد أن ينشأوا في ظل والدين يعيشان معًا، حتى وإن كانت الحياة الزوجية تملؤها التعاسة، والسؤال الذي يطرح نفسه هنا: هل كل حياة زوجية فاشلة يجب أن تنتهي إلى طلاق؟ أم أن الزواج أبدي مهما كانت مظاهر عدم التكيف؟
نجد البعض يرفضون فكرة الطلاق بسبب الآثار الناتجة عنه، التي تؤدي إلى تعاسة للأطراف تفوق معاناتهم قبل الطلاق.
وعلى العكس فالبعض الآخر يتساهل في الطلاق، حيث يرون أن الإنسان يعيش مرة واحدةـ وأنه خُلق ليسعد، ولا يوجد مبرِّر ليستمر في علاقة تُسبِّب له معاناة حتى ولو كانت الأسباب التي تدعو للطلاق بسيطة يمكن علاجها بالصبر والجهد، ونجد هنا أن الأمر لا يتوقف على مدى سهولة أو صعوبة الإجراءات، بل الأمر مرتبط بالاستعداد النفسي لاتخاذ أو عدم اتخاذ هذه الخطوة،والسؤال هو من أين تجيء هذه السمات؟ هل اكتسب الإنسان هذه السمات من والديه؟ هل هناك جينات يمكن أن نطلق عليها جينات الطلاق؟ وتوصَّل العلماء أنه إذا حدث وانفصل زوجان، فإن أبناءهما في الغالب سيتلقَّون نفس المصير في المستقبل، فالأزواج عادةً ينفصلون لأسباب عديدة، ولكن سماتنا الشخصية تجعلنا أفضل أو أسوأ في التعامل مع حياتنا الزوجية، وهذه السمات الشخصية ترتبط في الغالب بالتكوين الجيني للإنسان.
الفكرة من كتاب الطلاق ليس حلًّا
الله (عز وجل) أعلم بعباده منهم، فهو خالقهم، وأعلم بطباعهم وأحوالهم، فأبغض الله الطلاق، لما يعلم ما قد يُحدثه الطلاق من تأثير سيئ في حياة عباده.
ويعدُّ هذا الكتاب دعوة للتأنِّي والصبر ومعالجة المشاكل العائلية، دون الحاجة للجوء إلى الطلاق، لما قد يسبِّبه من مشاكل نفسية واجتماعية عديدة للأزواج والأطفال، ويلقي الضوء في الوقت ذاته على الأسباب الأولى التي صنعت أشخاصًا غير صالحين للزواج، وما هي شخصيات هؤلاء التي من الصعب الحياة معهم، ويوضح سبب تحمُّل أحد الأطراف أعباء هذه العلاقة وحده، ثم ينهي الكاتب بكلامه بصفات الزوج الناجح والزوجة الناجحة.
مؤلف كتاب الطلاق ليس حلًّا
عادل صادق: طبيب نفسي، وحاصل على جائزة الدولة في تبسيط العلوم، ومؤلف كثير من الكتب في علم النفس، من أهمها:
روعة الزواج.
مباريات سيكولوجية.
الألم النفسي والعضوي.
في بيتنا مريض نفسي.
الزوج أوَّل من يشكو.
حب بلا زواج، وزواج بلا حب.