مأساة الطلاق
مأساة الطلاق
أحلَّ الله الطلاق وأبغضه في الوقت ذاته، ولا يبغض الله إلا كريهًا وسيئًا، ويحذر الله دائمًا من كل ما يسيء إلى أية علاقة إنسانية، وكل ما يقطع التلاحم الذي أوجده بين الذكر والأنثى، والطلاق ما هو إلا نهاية علاقة بين رجل وامرأة جمعهما الله في لحظة ما، ففي لحظة الزواج تمتلئ الصدور بالحب والرحمة، وفي لحظة الطلاق تمتلئ بالبغض والكراهية، وهي لحظة حزينة جدًّا، لا يعرف قدرها إلا الذين مرُّوا بهذه التجربة، حتى الذي سعى للطلاق، وتمناه هروبًا من معاناة، يحزن أيضًا في هذه اللحظة، فهي لحظة يشعر فيها الإنسان بالفشل الحقيقي، فهو فشل فيما نجح فيه أبسط إنسان، لحظة لا ينفع فيها علم أو سلطان أو مال، الجاهل في هذه اللحظة قد يكون أسعد من المتعلم، والفقير أسعد من الغني، لحظة لا يوجد فيها أحد سعيد.
نادرًا ما يتم الطلاق فجأة ودون مقدمات، فحقيقة الأمر أن الطلاق يتم على مراحل، فلحظة الطلاق هذه تسبقها شهور وأحيانًا سنوات من التفكير في إنهاء العلاقة، شهور وسنوات بدأت فيها المشاعر بالتوقف، حتى المشاعر السلبية، وكان يسبق هذا التوقف الكثير من الصراعات المستمرة المريرة، حتى أصبح أحدهما لا يرى الآخر ولا يسمعه.
وإذا أعدنا النظر إلى هذه العلاقة قبل اتخاذ قرار الزواج، سنجد أننا أمام إنسان غير مهيأ للزواج، أو لا يستحق نعمة الزواج، أو إنسان لا يُقدِّس أي علاقة إنسانية، وإنسان لا يستطيع أن يُحب، فالزواج والحب شيء واحد، فكيف إذن يتزوَّج من لا يستطيع أن يحب؟ فهو لا يحب إلا نفسه، ولا يُعجب إلا بنفسه، وعدم القدرة على الزواج مرتبطة بالأنانية والنرجسية، بينما الزواج امتزاج وذوبان، وهناك نماذج عديدة لا تصلح للزواج، ولكن بعضها قد يتزوج، ولكنه يكون زواجًا مليئًا بالقلق وعدم الاستقرار، زواجًا يفشل قبل أن يبدأ، وهذا الفشل يبدأ من أعماق طفولة هذا الإنسان الفاشل في الزواج.
يتكوَّن عند المرء وهو طفل نموذج للعلاقة بين الرجل والمرأة من خلال معايشته لأبيه وأمه، فمعهما تلقَّى أول درس عن معنى الرجل والمرأة، ثم معنى الذكورة والأنوثة، ثم شكل العلاقة بين الرجل والأنثى، وكيفية الاتصال والتواصل بينهما، ثم يتلقى منهما دروسًا عن شكل الصراعات التي من الممكن أن تقوم بين أي زوجين، فتصبح هذه دروسه الثابتة، فيعيد التاريخ نفسه، ومن شابه أباه فما ظلم، وكل فتاة تصبح مثل أمها.
الفكرة من كتاب الطلاق ليس حلًّا
الله (عز وجل) أعلم بعباده منهم، فهو خالقهم، وأعلم بطباعهم وأحوالهم، فأبغض الله الطلاق، لما يعلم ما قد يُحدثه الطلاق من تأثير سيئ في حياة عباده.
ويعدُّ هذا الكتاب دعوة للتأنِّي والصبر ومعالجة المشاكل العائلية، دون الحاجة للجوء إلى الطلاق، لما قد يسبِّبه من مشاكل نفسية واجتماعية عديدة للأزواج والأطفال، ويلقي الضوء في الوقت ذاته على الأسباب الأولى التي صنعت أشخاصًا غير صالحين للزواج، وما هي شخصيات هؤلاء التي من الصعب الحياة معهم، ويوضح سبب تحمُّل أحد الأطراف أعباء هذه العلاقة وحده، ثم ينهي الكاتب بكلامه بصفات الزوج الناجح والزوجة الناجحة.
مؤلف كتاب الطلاق ليس حلًّا
عادل صادق: طبيب نفسي، وحاصل على جائزة الدولة في تبسيط العلوم، ومؤلف كثير من الكتب في علم النفس، من أهمها:
روعة الزواج.
مباريات سيكولوجية.
الألم النفسي والعضوي.
في بيتنا مريض نفسي.
الزوج أوَّل من يشكو.
حب بلا زواج، وزواج بلا حب.