اليابان ثقافيًّا
اليابان ثقافيًّا
لدراسة تأثير محتوى الأنمي في الجيل العربي، لا بد لنا أن نفهم أولًا، ما مصدر الثقافة اليابانيّة وما طبيعتها؟
يُمكننا القول بأن العقيدة اليابانيّة بدأت بالتشكّل بعد الحرب العالمية الثانية، وهي مزيج روحي وبعض الطقوس الجامعة من الشنتوية والبوذية الشرقية مع الكاثوليكية والماسونية الغربية.
كما أن نمط الحياة متأثر بالعولمة الغربية؛ التي يظهر عليها النمط الاستهلاكي والترفيه وتجنيس المرأة، وخصوصًا مع بداية عصر “هيسي”، فقد تبدّل زي الطالبات المدرسي بزي قريب من لباس البحّارة في عصر “شووا”، وهو عبارة عن تنورة قصيرة ذات ثنيات وسترة.
كما كانت الدراما المنتشرة في عصر “هيسي” تساعد على استغلال المرأة لخدمة سوق العمل، فأظهرت المرأة دومًا بقدرتها على الاستقلالية، وعدم حاجتها إلى الحُب والزواج، بجانب ذلك أثّر الأنمي والمانجا وألعاب الفيديو على الذكور بشكل كبير، فصاروا أقل اهتمامًا بالتفاعل الحقيقي مع البشر.
فعزف كثير من الشباب والفتيات عن الزواج، لذا شهدت اليابان تراجعًا كبيرًا في معدل المواليد، فشكّل ذلك أزمة اقتصادية بسبب تقلّص الأيدي العاملة، ولحل هذه الأزمة اتجهت الحكومة لتعزيز مشاركة المرأة اقتصاديًّا بدلًا من السعي لإعادة إحياء ثقافة الأسرة والتشجيع على الزواج، بل قد وفّر السوق الياباني عرائس بلاستيكية تُشبه البشر ليعيش معها الفرد الياباني.
أما الجانب الأخلاقي، فقد ورث اليابانيون مبادئ “البوشيدو” التي يتحلّى بها مُحارب الساموراي، وهذه المبادئ مثل: العدل، الشجاعة، الولاء، ضبط النفس، الانتحار الشعائري والتضحيّة، لذا تظهر كثير من حالات الانتحار بسبب ضغط العمل في اليابان، وقد أُطلق عليها ظاهرة “كاروشي”، وذلك لأن محارب الساموراي كان يُمارس طقوس الانتحار لتجنّب التعذيب حتى لا يظهر جانبه الضعيف.
لذا فإن كثيرًا من الثقافة اليابانية صار مُنعكسًا في الأنمي، فلا يكاد فيلم أو مسلسل من الأنمي يخلو من احتوائه على خلطة عجيبة من عالم الأرواح، والطقوس الوثنية وجانب من رموز المسيحية والماسونية المعروفة.
الفكرة من كتاب الأنمي وأثره في الجيل العربي
“الأنمي” هذه الرسوم المُتحركة اللطيفة، التي شكّلت جزءًا من ذكرياتنا الطفوليّة، هل تبدو جميعها بهذه البراءة التي عرفناها؟ أم أن الأمر مُختلف عن ما عرفناه من “سبيستون”؟
بلا شك؛ فالكثير من الأمور قد تغيّرت مع وجود شبكة الإنترنت وإتاحة أشكال “الأنمي” المختلفة، مما أدّى إلى انتشاره بشكل كبير بين أبناء العالم العربي، وهذا بدوره يستحق منّا الوقوف لفهم طبيعة هذا الاختراق الثقافي الجديد، وما سر انجذاب الكثير من المراهقين والشباب إليه.
ومن هنا يُقدّم لنا الكتاب دراسة تحليلية لظاهرة “الأنمي” من خلال فهم أصولها، وطبيعتها، وتأثيرها، وذلك لجعل المُربين وأولياء الأمور على قدر من الوعي بحقيقة الخطر الذي يحمله الأنمي للمجتمع العربي والإسلامي.
مؤلف كتاب الأنمي وأثره في الجيل العربي
حيدر محمد الكعبي: كاتب وباحث عراقي في المركز الإسلاميّ للدّراسات الاستراتيجيّة بالعراق، من مؤلفاته: الدراما التلفزيونية وأثرها في المجتمع.