من وجهٍ شرير لوجٍه ظريف
من وجهٍ شرير لوجٍه ظريف
في النصف الأوّل من القرن العشرين كانت اليابان من أشد الدول وحشيّة ودموية في العالم، فخلال عدوانها على الصين قتلت ما يقارب 36 مليون إنسان! وفي فيتنام نحو مليونين، وفي أندونيسيا قتلت نحو 4 ملايين، وكان الجيش الياباني يقتل النساء وكبار السن والأطفال، فارتكبوا عددًا كبيرًا من المذابح الشنيعة، وأكبرها مذبحة “نانجينغ” التي قتل فيها نحو ثلاثمئة ألف صيني، واغتُصب نحو عشرين ألف امرأة خلال أربعين يومًا!
والأمر لا يقتصر على القتل فحسب، بل إنهم ارتكبوا عددًا كبيرًا من حالات الاغتصاب، وقطع الأعضاء، واستخدام الأسلحة الكيميائية، لذا قررت الحكومة اليابانيّة تغيير صورتها من خلال الاهتمام بالجانب الثقافي الصادر منها إلى العالم، فأنشأت “مؤسسة اليابان” التي تعمل على ثلاثة محاور: نشر الفنون والتبادل الثقافي، وتعليم اللغة اليابانية، ودعم الدراسات اليابانية والتبادل الأكاديمي.
فمن الأعمال الفنيّة التي تهتم بها: الترويج لمعارض الأنمي والمانجا عالميًّا، وذلك لتعزيز ثقافة الظرافة اليابانية أو ثقافة الكاويي، التي تجذب نحو أربعين مليون سائح لليابان سنويًّا!
ولم تكتفي اليابان بالأنمي والمانجا فحسب، بل أقامت عددًا من مهرجانات الأنمي حول العالم، ومن أشهرها مهرجان “أنمي إكسبو” الذي جذب نحو ثمانين ألف شخص في أمريكا.
وبالفعل اجتهدت اليابان كثيرًا ليكون الأنمي قوّة ناعمة لكسب ود ومحبة الأجيال الناشئة، وتحرص على أن تكون جزءًا من ذواكرهم، وقد وصفت الحكومة اليابانية عالم الأنمي بأنه كنز وطني حيّ، ونتيجة تلك الثقافة الجديدة صُنّفت اليابان كأوّل دولة آسيوية ضمن أفضل خمس دول عالمية صاحبة القوّة الناعمة وذلك في عام 2018م، وبذلك تبدلّت صورة اليابان في الأذهان، وحلّت محلّها صورة الدولة الظريفة ذات العمل الإنساني الجميل.
الفكرة من كتاب الأنمي وأثره في الجيل العربي
“الأنمي” هذه الرسوم المُتحركة اللطيفة، التي شكّلت جزءًا من ذكرياتنا الطفوليّة، هل تبدو جميعها بهذه البراءة التي عرفناها؟ أم أن الأمر مُختلف عن ما عرفناه من “سبيستون”؟
بلا شك؛ فالكثير من الأمور قد تغيّرت مع وجود شبكة الإنترنت وإتاحة أشكال “الأنمي” المختلفة، مما أدّى إلى انتشاره بشكل كبير بين أبناء العالم العربي، وهذا بدوره يستحق منّا الوقوف لفهم طبيعة هذا الاختراق الثقافي الجديد، وما سر انجذاب الكثير من المراهقين والشباب إليه.
ومن هنا يُقدّم لنا الكتاب دراسة تحليلية لظاهرة “الأنمي” من خلال فهم أصولها، وطبيعتها، وتأثيرها، وذلك لجعل المُربين وأولياء الأمور على قدر من الوعي بحقيقة الخطر الذي يحمله الأنمي للمجتمع العربي والإسلامي.
مؤلف كتاب الأنمي وأثره في الجيل العربي
حيدر محمد الكعبي: كاتب وباحث عراقي في المركز الإسلاميّ للدّراسات الاستراتيجيّة بالعراق، من مؤلفاته: الدراما التلفزيونية وأثرها في المجتمع.