العفَّة في الإسلام
العفَّة في الإسلام
الدين الإسلامي منهج عفة، وأحكامه الشرعية تقويمية تتناسب مع فطرة الإنسان، وتعمل على تعمير الأرض، وتؤمن بإنسانية البشر، كما قدَّرَ حاجة الإنسان النفسية والجسدية والجنسية، وجعل لها إطارًا شرعيًّا لتحقيقها وتفريغها لأهداف عدة، منها: تحقيق المودة والرحمة، والسكن بين الجنسين، كما ذكر الله (عز وجل): ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً﴾، وتحقيق الأمن وبناء الأسرة وأجيال جديدة، واستفراغ الطاقة الجنسية في إطار شرعي إنساني، واستمرار الحب بشيء من الرُّقي الإنساني، وفي كل هذا دلالة على أن الإسلام ينظر بشكل واقعي صادق إلى مشكلات الشباب، ودوافع الغريزة الجنسية عندهم بشيء من التقويم من خلال الزواج، حتى يقضي على الانحراف ويزيد من الإنتاج والعفاف.
كما دعا إلى تيسير الزواج وتبكيره دون مغالاة، وقد قال سيدنا عمر بن الخطاب (رضي الله عنه): “لا تغالوا بصداقِ النساء، فإنها لو كانت مكرمة في الدنيا أو تقوى عند الله، كان أولاكم بها النبي (صلى الله عليه وسلم) ما أصدقَ رسول الله امرأة من نسائه ولا أصدقت امرأة من بناته أكثر من ثنتي عشر أوقية”، وقال النبي (صلى الله عليه وسلم) عن الزواج أيضًا: “من استطاع منكم الباءة -أي أعباء الزواج- فليتزوج فإنه أغضُّ للبصر وأحصن للفرج”، وإذا اجتمع على الشباب دراسة وعمل، فليعملهما معًا، وبدلًا من الدخول في علاقات غير شرعية بين الشباب والفتيات، فليبادروا بالزواج لأجل اقتسام حياة طيبة معًا.
لكن ماذا لو كان من الصعب على الشاب الزواج والعفة؟ هنا عليه اتخاذ طرق العفاف والصبر، وقد قال الله (عز وجل): ﴿وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّىٰ يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ﴾، أما عن الفتاة فقد قال الأستاذ مصطفى عبد الواحد “فالأمثل لها أن تشغل أوقات فراغها بالتهيؤ للأمومة والتخصُّص في شؤون الأسرة ورعاية النشء، وتتعلم ما يتصل بذلك من قريب أو بعيد، ثم بإشاعة الرحمة وبذل العون في كل جانب يحتاج إلى جهدها”.
الفكرة من كتاب التربية الجنسية للأطفال والمراهقين
الإعداد للمشروع أهم من المشروع نفسه، وإذا وصفنا بناء الأسرة بمشروع، فهو مشروع سامٍ ومهم جدًّا، لذا فالإعداد له يحتاج إلى رُقِيٍّ في الترتيب والإعداد.
أن تكُوِّن أسرة.. يعني تنشئة جيل سليم النفس والخُلق، وإعدادك إياهم تربويًّا يجب أن يكون تطبيقيًّا شاملًا من نواحٍ عديدة، منها: الاجتماعية والنفسية والدينية والجنسية، ولأننا جميعًا نهتم بنواحٍ كثيرة ونهمل جانبًا مهمًّا، هو في الغالب التربية الجنسية، حتى سَبَّب لنا مشكلات جنسية عدة عند أبنائنا، ما حفَّز الكثير من المُربين والوالدين إلى إعداد أنفسهم كي يتعاملوا مع هذه المشاكل، كما أن العملية التربوية تحتاج إلى وعي زائد حول المجتمع والزمان.
لذا فإننا اليوم سنطرح في هذا الكتاب نقاط مهمة عدة كي نتجنَّب المشكلات من البداية، “فالوقاية خيرٌ من العلاج”، فقد تنقَّل الكاتبان حول أفكار كثيرة منها: مفهوم التربية الجنسية، وأهدافها، ومن المسؤول عن القيام بالتربية الجنسية، وما السن المناسبة لأطفالنا كي نربيهم على ذلك، وكيف آلت بنا الحياة إلى هذا الكَمِّ من الانحرافات الجنسية عند الأطفال والمراهقين!
مؤلف كتاب التربية الجنسية للأطفال والمراهقين
أحمد عبد الكريم: باحث وكاتب، وحاصل على دكتوراه في الإرشاد النفسي جامعة عين شمس.
محمد أحمد خطاب: باحث وكاتب، وحاصل على دكتوراه فلسفة في دراسات الطفولة جامعة عين شمس.