مجتمعات انطوائية
مجتمعات انطوائية
على مستوى العالم تظهر الانبساطية كنمط ثقافي سائد للمجتمعات، وهذا الظهور في حقيقته ظهور مزيَّف لأنه تابع لهيمنة الثقافة الغربية، إلا أن الحقيقة التي أثبتتها الدراسات أن الانطوائية قيمة سائدة في بعض المجتمعات مثل المجتمعات الشرقية الآسيوية، وهذا بدوره يوضح أن الانساطية ليست قيمة مطلوبة لذاتها، بل هي ثقافة تفرضها بعض المجتمعات بسبب سياقها المجتمعي.
فالثقافات الآسيوية في غالبها تتوجَّه إلى هويَّة المجموعة، ويعتبرون الانسجام مع المجموعة أمرًا مهمًّا، لذا نجدهم قد يتنازلون عن بعض رغباتهم لمصلحة المجموعة، على عكس الثقافة الغربية التي تتميَّز بالفردانية، فيُشكِّل كل فرد وحدة قائمة بذاته، وباختلاف الهويَّة يكون من المنطقي حاجة الغربي إلى الجُرأة والمهارة الكلامية، في حين يتميَّز الآسيويون بالهدوء والحساسية اللذين يعملان على تلاحم المجموعة.
وإذا ما تأمَّلنا طبيعة الأقوال المأثورة في كلا المجتمعين الشرقي والغربي نلاحظ التباين في القيم، فمثلًا نجد من الأقوال المأثورة الشرقية: أولئك الذين يعرفون لا يتكلَّمون، أولئك الذين يتكلَّمون لا يعرفون، بينما في الأقوال المأثورة الغربية نجد: الدولاب الذي يُصدر صريرًا يحظى بالشحمة.
وحتى الأطفال الآسيويون الذين نشؤوا في المجتمعات الأمريكية يواجهون بعض العقبات، فمن الملاحظ أن الأمريكيين من أصل آسيوي كانوا أكثر انطوائية من نظرائهم الأمريكيين طوال فترة المراهقة.
كما تتحلَّى هذه المجتمعات بالقوَّة الناعمة أو “المثابرة الهادئة”، وهذه القوَّة تحاول التركيز على هدف نهائي وترفض كل تحويل للطاقة في أمور أخرى، لذا نرى تميُّز الطلاب الآسيويين في اختبارات الرياضيات والعلوم الدولية وذلك لقدرتهم على المكوث والتركيز مدَّة طويلة.
الفكرة من كتاب الهدوء: قوة الانطوائيين في عالم لا يتوقف عن الكلام
“إنه انطوائي لن يستطيع الاندماج في هذه الحياة!” كثيرًا ما نسمع مثل هذه العبارات حولنا، والتي تحمل في دلالتها أن الشخص الانطوائي هو شخص منغلق، خجول، يخاف من الناس، وأن هذه الصفات تعني عدم تأهُّل الشخص للخوض في الحياة، ولكن هل بالفعل كلمة “انطوائي” تعني هذه الصفات؟ وهل “الانطوائي” شخص عاجز على عكس “الانبساطي”؟ وهل بالفعل تُعدُّ “الانطوائية” اضطرابًا سلوكيًّا يجب التخلُّص منه؟
في هذا الكتاب بذلت الكاتبة جهد سنوات لتُقدِّم لنا مفهوم “الانطوائيَّة” بمعناها الحقيقي الدقيق، وكيف للثقافة المُجتمعية أن تؤثر في مفهوم الانطوائية، وما المُمميزات والمهارات التي يتمتَّع بها الانطوائي، وكيف يمكن للمجتمع والأسرة توظيف تلك المهارات.
مؤلف كتاب الهدوء: قوة الانطوائيين في عالم لا يتوقف عن الكلام
سوزان كين: كاتبة أمريكية ولدت سنة 1968م، درست المُحاماة من كلية هارفارد ثم اتجهت إلى التأليف، فألَّفت كتاب “الهدوء: قوة الانطوائيين في عالم لا يمكنه التوقف عن الحديث” عام 2012، وشاركت في تأسيس شركة Quiet Revolution.
Quiet Journal: Discover Your Secret Strengths and Unleash Your Inner Power.
Bittersweet: How Sorrow and Longing Make Us Whole.
معلومات عن المُترجم:
عماد إبراهيم عبده: ترجم عددًا من الكُتب، منها:
ماذا لو؟ إجابات علمية جدية عن أسئلة افتراضية غير معقولة.
خط الدم أو حمرة الغسق في الغرب.