الحب الإلهي
الحب الإلهي
القرآن الكريم فيه آيات تصف الله بأنه جبار ومتكبر، وآيات أخرى تصف الله بالجمال والمحبة والغفران، وكان لكل منها أثرها في التصوف، فقد تأثر الزهاد في الدور الأول من التصوف بآيات الترهيب وكان الخوف من الله دافعهم للعبادة، أما في الأدوار التالية فقد تأثروا بالآيات التي تصف الله بالجمال، وكان حب الله هو دافعهم للعبادة، وذهبوا إلى أن الجمال الإلهي ينعكس في الوجود، واعتقد البعض أن سبب خلق الله للعالم هو الحب الإلهي، لأن الله أراد أن يُعرف جماله ويظهر في الوجود ويدل عليه.
اختلف المسلمون في مسألة الحب الإلهي فذهب بعضهم إلى أن المحبة لها لوازم لا تليق بالله، وأن ذكر الله لحبه لعباده في القرآن ومحبتهم له تعني رحمته بهم وطاعتهم له، وذهب بعض الصوفية إلى أن محبة الله صفة من صفاته وأنها تعني عنايته بعباده، ومحبة عباده له تعني تعظيمه وإجلاله، أما الجماعة الثالثة فاعتبروا أن الحب متبادل بين الله وعبده وأنه حال عاشوه وأدركوا الحب ولوازمه في تجاربهم، ووضعوا نظريات في الحب الإلهي.
الحب الإلهي هو السبيل إلى معرفة الله، التي يتم إدراكها ذوقيًّا بقوة تفوق العقل وفيها إقبال كامل على الله، وأُطلق على الصوفي المُحِب لله اسم العارف كأن المعرفة والحب شيء واحد، وتحصل المعرفة بالنور الذي يُلقيه الله في قلب من يحب، وإذا أراد الصوفي أن يعبر عن هذه التجربة فإنه يستخدم الرمز والإشارة، فهي تختلف عن أي تجربة حب أخرى، واستخدام الرمز أبلغ من التصريح لأن الرمز يلامس القلب، ولأن التجربة الروحية خارجة عن المألوف الذي يمكن أن يعبر عنه باللغة العادية، ولغة الرمز هذه تستلزم عند تفسيرها النظر إلى معانيها الكامنة وعدم الأخذ بظاهر الكلام.
الفكرة من كتاب التصوف: الثورة الروحية في الإسلام
يتناول الكاتب منهج أناس كان حب الله باعثهم على العبادة، آمنوا بحب الله وبإمكانية اتصالهم به، وكان منهجهم هذا ثورة على ما كان سائدًا من الالتزام بتعاليم الإسلام وعبادة الله بدافع الخوف، وكانت لهم مدارس ونظريات مختلفة، يعرضها الكاتب ويتناول أيضًا معنى التصوف ونشأته ومراحله.
مؤلف كتاب التصوف: الثورة الروحية في الإسلام
أبو العلا عفيفي، مفكر وعالم بالفلسفة والتصوف الإسلامي، تخرج في دار العلوم وحصل على منحة في إنجلترا لدراسة التربية وعلم النفس ليحصل على درجة الدبلوم، وحصل على درجة الدكتوراه في الفلسفة في جامعة كامبريدج، ثم عاد إلى مصر وعين مدرسًا للفلسفة في كلية الآداب بجامعة القاهرة، وترقى ليتم تعيينه رئيسًا لقسم الفلسفة، انتدب للتدريس في جامعة الإسكندرية وجامعة لندن وكلية هاملتون بأمريكا لتدريس الفلسفة الإسلامية والمنطق والتصوف، وكان عضوًا في المجلس الأعلى لرعاية الآداب والفنون والعلوم الاجتماعية.
نشر العديد من البحوث والمقالات العربية والإنجليزية في المجلات العلمية، وله العديد من المؤلفات منها (الملامتية والصوفية وأهل الفتوة) (فصوص الحكم لابن عربي مع التعليق عليه)، وترجم العديد من البحوث والمقالات العلمية والمؤلفات ومنها (فلسفة المحدثين والمعاصرين) (المدخل إلى الفلسفة).