أنا والشهوة
أنا والشهوة
هذا الموضوع إما أن يتم تضخيمه بشكل كبير فيشكِّل وحشًا يلتهم المراهق إن حاول مجرد التفكير فيه، وإما أن يتم الاستهتار به فيقع المراهق ضحية الجهل به، في حين أن الشريعة وضحته ووضعت له ضوابط وبيَّنت كل تفاصيله، وعلينا أن نفهم أولًا أن لهذا الأمر مؤثرات خارجية، أي ما يحيط بالمراهق، وأخرى داخلية، وهي التغيرات الجسدية والهرمونية والنفسية التي تحدث بداخل جسده، وفوران المشاعر وتأجُّج الشهوة بداخله، وهذا علاجه يكون في فهم طبيعة المرحلة التي يمر بها وفي الصوم الذي يحد من ذلك الفوران، وبالطبع في الزواج المبكر إن كان مهيئًا له، وذلك عملًا بقوله (صلى الله عليه وسلم): “يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ، مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمُ البَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ، فإنَّه أَغَضُّ لِلْبَصَرِ، وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ، وَمَن لَمْ يَسْتَطِعْ فَعليه بالصَّوْمِ، فإنَّه له وِجَاءٌ”.
وأما ما يتعلق بالمؤثرات الخارجية فقد ضبطتها الشريعة، فأمرت بغض البصر الذي هو بمثابة السهم النافذ إلى القلب مباشرةً، كما أمرت على الطرف الآخر الأنثى بالتستُّر وبالحجاب البعيد عن الزينة والعطور الفواحة والألوان الجذابة الملفتة، حماية لها ولشخصها كأنثى، وحماية للذكر أيضًا وصيانة له، وفتح لهما منفذًا في الزواج يستمتع كلٌّ منهما بالآخر كيف يشاء، وفتح للأنثى مجالًا أن تستمتع أيضًا وتتجمَّل وتتزيَّن بين قريناتها ومحارمها، كما أنه وضع ضوابط للاختلاط بينهما، ونجد أن تلك الضوابط متى اختلَّت وقع المحذور لأن الاختلاط يفضي إلى الألفة والتعوُّد، فتتحرك الغريزة شيئًا فشيئًا، ولا تجد لها في ذلك العمر مخرجًا إلا من خلال الأفلام المحرَّمة أو الزنا والعياذ بالله، أو غير ذلك.
قد يبدو هذا غريبًا، أو ربما يُظن أنه لا علاقة له بالموضوع، إلا إن اختيار الصحبة الصالحة التي تعين على الخير وتدفع المرء إليه وتشغل وقتها بالنافع وتسهم في أعمال البر، ما يعين على تجاوز مرحلة تأجج الشهوة، ذلك أن الصحبة السيئة ستجر أو على الأقل ستحسِّن المعصية أيًّا كانت في نظر الفتى، والمعاصي يجر بعضها بعضًا، ولا ننسى أن هذه المرحلة مرحلة تعلق بالصحبة بامتياز حتى على حساب الأسرة، وبالتالي فهي فارقة ومهمة في تكوين الشخصية، وتقوية الإيمان بالله والعلاقة به سبحانه، ما يشكل حاجزًا نفسيًّا وعمليًّا أمام داعي الشهوة ومتطلَّبات الهوى، فيصبح رضا الله مقدمًا على كل نغزات النفس، وتصبح العبادة ملاذًا ومستلذًّا فتعلو الروح على حساب الجسد وتُضبط الغريزة بضابط التقوى حتى يأذن الله لها بمصرف شرعي.
الفكرة من كتاب الشباب شعلة تُحرق أو تُضيء
ينشأ الخوف من مرحلة المراهقة التي يمر بها الأطفال في طريقهم نحو النضوج إلى جهلنا وجهلهم بطبيعة هذه المرحلة وخطأ التعامل معها وخوفنا من انحرافهم عن الطريق المستقيم، في حين أن هذه المرحلة ليست عنوانًا للانحراف وليست هي نهاية الطريق، وإنما من شأنها أن تكون عنوانًا للنجاح والتفوق أيضًا.
مؤلف كتاب الشباب شعلة تُحرق أو تُضيء
نعيم قاسم: مواليد كفرفيلا عام 1953، رجل دين شيعي “من الشيعة الاثناعشرية” ونائب أمين عام حزب الله بلبنان الذي أسهم في تأسيسه، درس الكيمياء وحصل على الليسانس والكفاءة فيها باللغة الفرنسية من الجامعة اللبنانية، كما تزامنت دراسته الدينية مع دراسته للكيمياء.
وله عدة مؤلفات منها:
قصتي مع الحجاب.
المهدي المخلص.
سلسلة شرح رسالة الحقوق للإمام زين العابدين.