طُرق الانضمام لجيش التحرير
طُرق الانضمام لجيش التحرير
إنَّ أفضل وسيلة لالتحاق المناضلات بجيش التحرير هي أن يكون لها علاقة بأحد مسؤوليه حتى توافق القيادة الثورية، وعندها يتم مرافقتها للتدريب في الحدود المغربية والتونسية، إذ تتعلَّم في المجال الطبي والعسكري كإعداد الأدوية وصناعة القنابل والألغام وغيرها، وعندما ينتهي التدريب تستعدُّ المجاهدات لطريق شاق مملوء بالصعوبات والمخاطر والألغام والأسلاك المكهربة للوصول إلى منطقة القتال المخصَّصة لهن.
بعد ذلك، يتم توزيع المجاهدات على مختلف الأقسام، وحينها ترتدي الفتاة الزي العسكري كالجنود وتحمل السلاح والأدوات الخاصة بها، وتتوزَّع مهامها بين علاج المرضى والجرحى، أو ممارسة الشؤون الإدارية وإعداد التقارير السرية، كما كان لهن دورٌ كبير في توعية أهل القرى وتعليمهم أثناء الحرب.
ولعلَّ أبرز ما تميَّزت به المرأة الريفية هو النظام والانضباط الواضح، فلقد كانت أكثر جلَدًا وصبرًا وبخاصةٍ في اللحظات التي تتطلَّب شجاعة، وذُكِر أنه قامت العديد من فتيات البادية بالتبرُّع بمُهورهن وجهازهن للثورة، كما يُذكر لإحدى الفدائيات ما قالته: “ومنا من لعبت أدوارًا مشرفة لم يحظَ بها أشجع الرجال والفتيان، إننا لم نتعلَّم القراءة والكتابة ولكن البؤس والشقاء والحرمان علَّمنا الحقد على الاستعمار”.
وتروي الكاتبة شهاداتها عن زميلاتها المناضلات في المنطقة الثانية من الولاية الخامسة، ومنهنَّ الشهيدة عائشة حاج سليمان التي كانت تُدعى “فوزية” –الأسماء المستعارة لإخفاء الهوية- والتي استُشهِدت بعدما حُوصرت مع بعض المجاهدين وتفجير المخبأ بالقنابل من القبل الفرنسيين، وأيضًا المناضلة “فتيحة” التي أخذت اسم “رشيدة”، وهي ممرِّضة كان لها دور قوي في إنقاذ المجاهدين المصابين والمشاركة في معارك مثل “فلاوسن”، لكن أُلقي الفرنسيون القبض عليها وعذَّبوها وانتهكوا عرضها وعبثوا بحرمتها ليلة كاملة، ثم طافوا بها في القرى بعد تشويه جسدها.
الفكرة من كتاب نضال المرأة الجزائرية خلال الثورة التحريرية
“إن أطفالنا لا يفرُّون إلى البيت حين يرون جنود الاستعمار، فهم لا يخافون منهم ولا يطيعون تعليماتهم وأوامرهم”، هكذا قالت امرأة جزائرية ريفية خلال حرب التحرير الجزائرية التي اندلعت في الأول من نوفمبر عام 1954م الجزائرية في وجه الاستعمار الفرنسي بإعلان الحرب المسلَّحة ضد أحد أعتى جيوش العالم بجيش صغير وأسلحة تقليدية، لكن سرعان ما تحوَّل إلى جيش منظم ذي كتائب وفيالق ومدد بشري، ليسقط أكثر من مليون ونصف المليون من أبناء الجزائر أمام حملة الإبادة التي نفَّذتها فرنسا، ولتُكتَب النهاية بانتصار الوطن الجزائري واستقلاله، لكن ما تميَّزت به تلك الثورة بحق هو دور المرأة الجزائرية فيها الذي اختلف عن دور المرأة في أي ثورة أخرى.
إن ما قالته تلك السيدة يمكن أن يُظهِر مدى التربية التي نشأ عليها ثوار الجزائر للتصدِّي للقوَّة الفرنسية، إذًا فبناء الأُمَّة لا يبدأ إلا ببناء المرأة، ويناقش هذا الكتاب تأثير المرأة منذ حركات التحرير الأولى وحتى حرب الجزائر في عمليات القتال والاتصالات والدعاية والتعليم بجانب التمريض.
مؤلف كتاب نضال المرأة الجزائرية خلال الثورة التحريرية
أنيسة بركات درَّار: هي كاتبة جزائرية، حصلت على درجة الدكتواره في الآداب عام 1973 بجامعة الجزائر، وعملت باحثة في المركز الوطني للدراسات التاريخية، كما شاركت كمجاهدة في صفوف جيش التحرير الوطني بالجزائر ضد الاستعمار الفرنسي عام 1956م، ومن أهم مؤلفاتها:
أدب النضال في الجزائر من سنة 1945 حتى الاستقلال.
محاضرات ودراسات تاريخية وأدبية حول الجزائر.