المرأة الجزائرية في ميدان القتال
المرأة الجزائرية في ميدان القتال
شَنَّ النظام الاستعماري الفرنسي حربه الضروس بالاعتقالات والتعذيب والإبادة، وتسبَّب ذلك في ظهور عدد ضخم من اللاجئين الذين اتجهوا إلى تونس والمغرب، لكن لم يخمد ذلك الثورة رغم ضحاياها الكثيرين، فلعلَّ أصعب قرار في الثورة هو ذلك الثمن الغالي المتمثِّل في دماء الأبطالِ والأرواح الذكية ليكون وطنهم حرًّا تسوده العدالة والكرامة.
ولقد كان هناك أمرٌ واضح مُميَّز في جيش التحرير تمثَّل في مشاركة المرأة في ميدان الكفاح المُسلَّح ضد قوة عسكرية من أعتى القوى على وجه الأرض وأقلِّها رحمة، وقد انتشرت في ذلك الوقت ألفاظ مثل “أخت” و”مجاهدة” و”مناضلة” للإشارة إلى احترام المرأة أثناء مشاركتها مع الرجال في هذا الكفاح العسكري، إذ وجدت بين إخوانها المجاهدين مجتمعًا يحافظ على شرفها ويحميها كما تحميه هي أمام ذلك المستعمر الذي سعى لتدنيس العرض والشرف، ويظهر ذلك في وثيقة مؤتمر الصومام التي ذكرت التقدير الكبير للحركة النسائية وشجاعة الفتيات والنساء والزوجات والأمهات، وشاعت قصة تلك الفتاة القبلية القوية التي رفضت فتًى تقدَّم لخطبتها لأنه لم يكن من المجاهدين.
وهناك دوافع عديدة لمشاركة المرأة في جيش التحرير المسلح لم تكمن فقط في الدافع الوطني البحت، بل فيما رأته النساء من السلطات العسكرية الفرنسية حين وقعت بعضُهن في قبضتهم واعُتدي على كرامتهن وحرماتهن بعلم المجتمع الدولي، وهذا ما جعل العديد من النساء الوطنيات تلتحقن بصفوف المجاهدين، كما كانت هناك عوامل أخرى كالتأثير الطلابي والفقر المدقع، ولا يُنسى ما فعله الاستعمار الفرنسي في محاولة لإخماد تلك الثورة بتشويه سمعة النساء المجاهدات، إذًا فكيف تم التحاق النساء بصفوف المجاهدين؟
الفكرة من كتاب نضال المرأة الجزائرية خلال الثورة التحريرية
“إن أطفالنا لا يفرُّون إلى البيت حين يرون جنود الاستعمار، فهم لا يخافون منهم ولا يطيعون تعليماتهم وأوامرهم”، هكذا قالت امرأة جزائرية ريفية خلال حرب التحرير الجزائرية التي اندلعت في الأول من نوفمبر عام 1954م الجزائرية في وجه الاستعمار الفرنسي بإعلان الحرب المسلَّحة ضد أحد أعتى جيوش العالم بجيش صغير وأسلحة تقليدية، لكن سرعان ما تحوَّل إلى جيش منظم ذي كتائب وفيالق ومدد بشري، ليسقط أكثر من مليون ونصف المليون من أبناء الجزائر أمام حملة الإبادة التي نفَّذتها فرنسا، ولتُكتَب النهاية بانتصار الوطن الجزائري واستقلاله، لكن ما تميَّزت به تلك الثورة بحق هو دور المرأة الجزائرية فيها الذي اختلف عن دور المرأة في أي ثورة أخرى.
إن ما قالته تلك السيدة يمكن أن يُظهِر مدى التربية التي نشأ عليها ثوار الجزائر للتصدِّي للقوَّة الفرنسية، إذًا فبناء الأُمَّة لا يبدأ إلا ببناء المرأة، ويناقش هذا الكتاب تأثير المرأة منذ حركات التحرير الأولى وحتى حرب الجزائر في عمليات القتال والاتصالات والدعاية والتعليم بجانب التمريض.
مؤلف كتاب نضال المرأة الجزائرية خلال الثورة التحريرية
أنيسة بركات درَّار: هي كاتبة جزائرية، حصلت على درجة الدكتواره في الآداب عام 1973 بجامعة الجزائر، وعملت باحثة في المركز الوطني للدراسات التاريخية، كما شاركت كمجاهدة في صفوف جيش التحرير الوطني بالجزائر ضد الاستعمار الفرنسي عام 1956م، ومن أهم مؤلفاتها:
أدب النضال في الجزائر من سنة 1945 حتى الاستقلال.
محاضرات ودراسات تاريخية وأدبية حول الجزائر.