نساء الجزائر والاستعمار الفرنسي
نساء الجزائر والاستعمار الفرنسي
بدأ الاستعمار الفرنسي للجزائر في عام 1830م، لكن لم تستطِع القوات الفرنسية فرض السيطرة الكاملة بشكل فوري مع الثورات المتكرِّرة، ففي عام 1851م، حاولت فرنسا احتلال منطقة بلاد الجرجرة الخارجة عن سيطرتها، فظهرت حركة “لالا فاطمة نسومر” التي قادت ثورة عارمة في عام 1875م، واستطاعت أن تتغلَّب على القوات الفرنسية بانتصارات متتالية، ليضطرَّ الحاكم العام “راندون” إلى الخروج لمواجهتها بنفسه، واستطاع في النهاية التغلُّب عليها بعد خسائر كبيرة ليصبح هذا الحدث لحظة بروز دور المرأة في اندلاع ثورة التحرير.
ولا شك أن الاستعمار الفرنسي كان سببًا رئيسًا في اضمحلال دور المرأة عكس ما ادَّعت فرنسا، وهذا ما جعل الكُتَّاب والشعراء يحاولون الدعوة للنهوض بالمرأة الجزائرية، كما رأينا من قصيدة “المرأة الجزائرية” للهادي السنوسي، وكتاب “بذور الحياة” لرمضان حمود، فلقد رأوا أن الأساس الأول لبناء حرية الأمة وإخراجها من ذلك البؤس هو تثقيف المرأة وبناؤها كونها التربة التي ينبت الشعب منها، لكن الحقيقة أنها كانت محاولات غير منظمة تلاشت بمجرد ظهورها، رغم ذلك فقد كان لتنظيم مؤتمر طلبة شمال أفريقيا في الجزائر عام 1932م، أثر كبير بالتأكيد في تعليم المرأة وتأسيس مدارس حرة لتعليم البنات باللغة العربية.
بدأت المرحلة الحقيقية لتأثير الشعب الجزائري على المستوى الوطني ضد المستعمر في الفترة ما بين عامي 1936 و1945، إذ حقَّق المبدأ الرئيس بظهور نهضة فكرية في أوساط القيادة الثورية والصحافة، كما بدأ اسم المرأة وقضاياها في البروز إلى العلن تحت عناوين “النساء والكمال”، و”تعليم النساء الكتابة”، وبهذا بدا واضحًا ظهور نتائج إيجابية في نيل المرأة الجزائرية لحقِّها في التعليم بجانب حقِّها في الانتخاب الذي حصلت عليه في عام 1947م.
الفكرة من كتاب نضال المرأة الجزائرية خلال الثورة التحريرية
“إن أطفالنا لا يفرُّون إلى البيت حين يرون جنود الاستعمار، فهم لا يخافون منهم ولا يطيعون تعليماتهم وأوامرهم”، هكذا قالت امرأة جزائرية ريفية خلال حرب التحرير الجزائرية التي اندلعت في الأول من نوفمبر عام 1954م الجزائرية في وجه الاستعمار الفرنسي بإعلان الحرب المسلَّحة ضد أحد أعتى جيوش العالم بجيش صغير وأسلحة تقليدية، لكن سرعان ما تحوَّل إلى جيش منظم ذي كتائب وفيالق ومدد بشري، ليسقط أكثر من مليون ونصف المليون من أبناء الجزائر أمام حملة الإبادة التي نفَّذتها فرنسا، ولتُكتَب النهاية بانتصار الوطن الجزائري واستقلاله، لكن ما تميَّزت به تلك الثورة بحق هو دور المرأة الجزائرية فيها الذي اختلف عن دور المرأة في أي ثورة أخرى.
إن ما قالته تلك السيدة يمكن أن يُظهِر مدى التربية التي نشأ عليها ثوار الجزائر للتصدِّي للقوَّة الفرنسية، إذًا فبناء الأُمَّة لا يبدأ إلا ببناء المرأة، ويناقش هذا الكتاب تأثير المرأة منذ حركات التحرير الأولى وحتى حرب الجزائر في عمليات القتال والاتصالات والدعاية والتعليم بجانب التمريض.
مؤلف كتاب نضال المرأة الجزائرية خلال الثورة التحريرية
أنيسة بركات درَّار: هي كاتبة جزائرية، حصلت على درجة الدكتواره في الآداب عام 1973 بجامعة الجزائر، وعملت باحثة في المركز الوطني للدراسات التاريخية، كما شاركت كمجاهدة في صفوف جيش التحرير الوطني بالجزائر ضد الاستعمار الفرنسي عام 1956م، ومن أهم مؤلفاتها:
أدب النضال في الجزائر من سنة 1945 حتى الاستقلال.
محاضرات ودراسات تاريخية وأدبية حول الجزائر.