بحثًا عن مصدر القرآن في المدينة
بحثًا عن مصدر القرآن في المدينة
وقع مع الهجرة تغيير كبير لدعوة الإسلام، وانتقل رسول الله صلى الله عليه وسلم من بيئة وثنية معادية إلى المدينة حيث أنصاره، وبدأ يتعامل بشكلٍ مباشر مع طائفة من أهل الكتاب هم اليهود، فهل تلقى عنهم أو عن غيرهم ما غير أسلوب القرآن أو في شرائع الإسلام كما يدعي المستشرقون؟ نجد بالبحث أن ذلك لم يكن، فاليهود لم يكونوا جديرين بالاتباع والقرآن يُدين أفعالهم في السور المكية والمدنية، وأما قصص الأنبياء التي يُدعى نقلها من التوراة فقد جاءت في السور المكية مفصلة، والتشابه عمومًا بين القرآن والكتب السابقة ليس اقتباسًا بل اتفاقًا وشتان بينهما.
وأما ذكرُ بعض المستشرقين لأن عدد الصلوات في اليوم زاد بعد الهجرة من اثنتين إلى ثلاث إلى خمس صلوات فهو أمر لا دليل عليه، وسن صيام يوم عاشوراء كان قبل الهجرة ولم يرتبط بالعلاقة مع اليهود، والرحمة والعذاب ورد ذكرهما في السور المدنية والمكية دون أن تختص السور المدنية بفكرة العذاب أو القتال كما يُدعى.
وينقسم اليهود آنذاك إلى قسمين، أحدهما، وهم الأغلبية، يُعادي الإسلام، والآخر شهد بصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم واتبعه ومنهم عبد الله بن السلام، ولم يأخذ النبي صلى الله عليه وسلم عن أي من الفريقين.
وأما فكرة نسخ الأحكام في القرآن، فالباحثون من غير المسلمين يرونها رجوعًا عن أمر أو اكتشاف أمر كان مجهولًا، وقولنا بذلك في حق الله سبحانه وتعالى كفر، والأمر هو أحكامٌ مؤقتة متدرجة حمل بعضها معنى ضمنيًّا بأنه مؤقت أساسًا، والاختلاف في معاملة الناس في المرحلة الانتقالية عن مرحلة النضج النهائية هو أنجح المناهج لبناءٍ متين.
الفكرة من كتاب مدخل إلى القرآن الكريم (عرض تحليلي وتاريخي مقارن)
كُتب هذا الكتاب ليُصحح الأخطاء الشائعة عن القرآن في أوروبا، بحجج وأدلة واضحة ولغة مهذبة، فتحدث عن نزول الوحي وجمعه، وعن نشره في أنحاء الأرض، وعن الحق والخير والجمال في القرآن، كما بحث في المدعى من المصادر البشرية لتعاليم القرآن في مكة والمدينة ليُثبت بطلانها.
مؤلف كتاب مدخل إلى القرآن الكريم (عرض تحليلي وتاريخي مقارن)
محمد عبد الله دراز، باحث ومفكر إسلامي مصري كبير، ولد عام 1894 بإحدى قرى محافظة كفر الشيخ، وكان أبوه وجده من أهل العلم والتقوى، فتأثر بهما، وحفظ القرآن الكريم قبل سن العاشرة. التحق بالمعاهد الأزهرية حتى نال منها شهادة العالمية، ثم تعلم الفرنسية في المدارس الليلية واستفاد منها في المناضلة ضد الاحتلال الإنجليزي وفي الرد على افتراءات المستشرقين على الإسلام في الصحف الفرنسية.
وقد عمل الشيخ مدرسًا بمعهد الإسكندرية الأزهري، ثم محاضرًا في الكليات الأزهرية الناشئة، ثم دَرَس فلسفة الأديان بفرنسا في «جامعة السوربون» ونال منها شهادة الدكتوراه 1947 –بالدراسة التي بين أيدينا- بعد أن مكث في فرنسا اثنتي عشرة سنة لم تزده إلا اعتزازًا بهويته، كان يجود بعلمه في دراسات ورسائل علمية ومحاضرات ومؤتمرات، وتوفاه الله سنة 1958 في أثناء حضوره لمؤتمر الأديان الكبير في لاهور بباكستان.
من أشهر مؤلفاته: كتاب”النبأ العظيم – نظرات جديدة في القرآن” و “الدين – بحوث ممهدة لدراسة تاريخ الأديان”، و”دستور الأخلاق في القرآن”.