الخير والجمال
الخير والجمال
الإنسان لا يكتفي بالحقائق والمعارف النظرية فقط، وإنما يحتاج إلى قواعد عملية تنظم حركته في الحياة وعلاقته بخالقه وبنفسه وبمن حوله؛ وقد ظهرت أهمية الجانب العملي والأخلاقي في القرآن بوضوح، كشرط أساسي للفلاح والسعادة في الدنيا والآخرة.
والبصيرة الأخلاقية فطرة أودعها الله في الإنسان يُميز الخبيث من الطيب والشر من الخير، فبُني النظام الأخلاقي في القرآن عليها، ولكن تلك الفطرة تخبو في أممٍ، فيرسل الله الرسل ويُنزل الكتب لينذرهم، وإذا نظرنا في الشرائع والكتب السابقة كالإنجيل والتوراة فإننا نجد قانون الأخلاق نفسه، إلا أنه يأتي متتابعًا وحدة واحدة في فيها، ويأتي في القرآن كآيات متفرقة في السور ترتبط بمناسبات معينة. ولا يتوقف القرآن عند تأييد ما جاءت به الكتب السابقة، وإنما يكمل بناء الصرح الأخلاقي بمبادئ وقواعد جديدة؛ ففي الجانب الشخصي نجد تحريم الخمر ومبدأ النية الذي يحرك الإنسان إلى الخير ابتغاء لوجه الله، وفي العلاقات بين الأفراد نجد تقنين الحجاب مثلًا، ونجد اتزانًا في علاقات المسلمين بإخوانهم وعلاقتهم بغير المسلمين، ومسؤولية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ونجد تشريعًا ينظم علاقة المسلمين بغيرهم في الأقطار الأخرى في الحرب والسلم.
ولا يتوقف القرآن عند الجوانب العقلية والأخلاقية، بل إن له جانبًا أدبيًّا جميلًا، يجذب السامعين بظاهره ليكتشفوا جمال جوهره، ولا يضاهيه أي نموذج أدبي آخر حتى في عصر ازدهار العربية الذي نزل فيه، ففي أسلوبه إيجاز معجز ومخاطبة للعقل والعاطفة في آن واحد، وتتعدد موضوعات السورة الواحدة لكن كل موضوع يأخذ مكانه في السورة في نظام مبهر برغم أن القرآن نزل بترتيب مختلف عن الذي جمع به في نظام تربوي وتشريعي مميز، فأنى لبشرٍ أن يأتي بمثل هذا؟!
الفكرة من كتاب مدخل إلى القرآن الكريم (عرض تحليلي وتاريخي مقارن)
كُتب هذا الكتاب ليُصحح الأخطاء الشائعة عن القرآن في أوروبا، بحجج وأدلة واضحة ولغة مهذبة، فتحدث عن نزول الوحي وجمعه، وعن نشره في أنحاء الأرض، وعن الحق والخير والجمال في القرآن، كما بحث في المدعى من المصادر البشرية لتعاليم القرآن في مكة والمدينة ليُثبت بطلانها.
مؤلف كتاب مدخل إلى القرآن الكريم (عرض تحليلي وتاريخي مقارن)
محمد عبد الله دراز، باحث ومفكر إسلامي مصري كبير، ولد عام 1894 بإحدى قرى محافظة كفر الشيخ، وكان أبوه وجده من أهل العلم والتقوى، فتأثر بهما، وحفظ القرآن الكريم قبل سن العاشرة. التحق بالمعاهد الأزهرية حتى نال منها شهادة العالمية، ثم تعلم الفرنسية في المدارس الليلية واستفاد منها في المناضلة ضد الاحتلال الإنجليزي وفي الرد على افتراءات المستشرقين على الإسلام في الصحف الفرنسية.
وقد عمل الشيخ مدرسًا بمعهد الإسكندرية الأزهري، ثم محاضرًا في الكليات الأزهرية الناشئة، ثم دَرَس فلسفة الأديان بفرنسا في «جامعة السوربون» ونال منها شهادة الدكتوراه 1947 –بالدراسة التي بين أيدينا- بعد أن مكث في فرنسا اثنتي عشرة سنة لم تزده إلا اعتزازًا بهويته، كان يجود بعلمه في دراسات ورسائل علمية ومحاضرات ومؤتمرات، وتوفاه الله سنة 1958 في أثناء حضوره لمؤتمر الأديان الكبير في لاهور بباكستان.
من أشهر مؤلفاته: كتاب”النبأ العظيم – نظرات جديدة في القرآن” و “الدين – بحوث ممهدة لدراسة تاريخ الأديان”، و”دستور الأخلاق في القرآن”.